لم نكن نحن أبناء القرى النائية نستطيع أو نحلم بحضور فعاليات مهرجان جرش مباشرة فترة انعقاده، لكن قد لا يصدق أحد أننا كنا نتابع كل شاردة وواردة عن فعاليات، نعرف اسماء كبار نجوم الوطن العربي الذين سيهزون المسرح الشمالي، نحفظ موسيقى الأعلان وصور النجوم ومن وراء شاشة التلفزيون نركز في كل تفاصيل التقارير المباسرة يوميا. من سيمسك شعلة المهرجان ومن هي الشخصيات الوازنة التي ستحضر الإفتتاح الرسمي؟
عندما تنتقل الكاميرات للساحات العامة نحاول نشبه على فلان وفلان ونفرح بمنظر تجوال الكبار والصغار، كذلك نحفظ اسماء الشعراء والفرق الموسيقية العالمية، نشعر بالنشوى والفخر لأن هذا الكرنفال العالمي يُقام في وطننا وكأننا جزء من حالة الفرح التي تستمر لما بعد المهرجان حيث نبدأ بمتابعة بث الحفلات على التلفاز، فيروز، سيد مكاوي، محمد عبده، نصغي السمع.. هل حقا سيحضر صبري مدلل وماجدة الرومي... لن نتحدث عن تاريخ مهرجان كان من أوائل المهرجانات الثقافية الفنية الرائدة في المنطقة العربية كلها، والذي كان حلم كل فنان الشدو على مسارحه وبطاقة مرور الى المواطن العربي وصناعة نجم وإضافة لسيرته الفنية والثقافية.. السؤال من قزم مهرجان جرش وجعل فعاليته وطبيعة ونوعية مايحدث فيه لا يرقى الى مستوى الدرجة الثالثة، ليس مبررا القول ان الساحة العربية شهدت مؤخرا مهرجانات كثيرة إطلاقا، فلجرش نكهته وحضوره وتاريخه وكيانه حضارة وثقافة كقوة ناعمة وصورة مشرقة ثرية، التي لا أدري من نزع الدسم منه وعنه وحاله لحالة من الإفقار الذي لا يليق بنا وبجيل الرواد ممن أورثونا تركة لم نحافظ عليها.