تطورت الحياة وتقدمت بشكل لافت للنظر في كل قطاعات الحياة حتى حصل هناك وثباتٌ كبيرة في عالم الإتصال والتكنلوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة في شتى العلوم التي غيرت شكل الكرة الأرضية.
ولكن مع كل ذلك ومع تقدم التشريعات والقوانين التي تحفظ وتصون حرية البشر وحقهم في النجاح والتطور والإنجاز إلا أن هناك عقبات كثيرة وعثرات متعددة توضع في طريقهم لا بمحض الصدفة بل بفعل نزعة الشّر الكامنة في صدورنا البشرية، فبدلاً من أن نكون عامل بناء نشكّل معولا للهدم، فعنصر الأنانية والغيرة والحسد يطغيان على الإنسان وقد يحولانه إلى وحش بشري يكون عقبة في وجه أخيه الإنسان الذي من أبسط حقوقه أن يخّط طريق النجاح والبحث والعمل الجاد.
وإن ساهمت القوانين العصرية في الحد من هذا التعدّي على حريات الآخرين وتوجهاتهم، لكن لا يمكن لكل القوانين أن تكبح جماح أنانية الإنسان إن لم تنمو في قلبه روحانية المحبة الإلهية التي تُريدُ لغيرها ما تريده لنفسها، والتي لا ترتضي أبداً أن تشكل عقبةً أو معثرة في طريق الآخرين وفي حياتهم.
ففي مجتمعاتنا الشرقية بدلا من أن يبحث الإنسان عن الإيجابيات نراه يوظف طاقاته للبحث عن السلبيات وعن النصف الفارغ من الكأس فيَتعب ويُتعب الآخرين ويشكل بالتالي عنصراً هدّاماً لتطور المجتمعات وتقدمها. ويبقى العنصر البشري أهم عنصر من عناصر تقدم الحضارة الإنسانية ورقيها وعنوانها، وبدون الإنسان الواعي والمثقف والمتعلم لا ثروة حقيقية يمكن التباهي بها، فالثروة الحقيقية تكمن في الكفاءات البشرية المدربة تدريباً عالياً والمتسلحة بنور الإيمان الذي ينزع من قلوبنا كل حقد وحسد وكراهية وأنانية ويرى في عمل الآخرين تكاملاً لا تنافساً وعداء وتحدياً.
سنحيا هذه الحياة التي لا تخلو من الأخطاء والخطايا، والمثل الدارج يقول "من لا يعمل لا يخطئ"، ولكن هُّمنا لا يجب أن ينصب على البحث عن أخطاء الآخرين للإنقضاض عليهم وتدميرهم، بل إن وجد أخطاء في سعيهم وإجتهادهم فيمن الممكن تصويبها ومعالجتها، وما يجب أن ينصّب عليه كلُّ تركيزنا اليوم هو ما يُقدمه الآخرون من مساهمة فاعلة وهامة تكون سبباً في تغيير نوعية حياتنا البشرية.