لسنا وحدنا، ظاهرة العنف الصيفية تنشط الان وتجوب الارض، والامور تجري في سياقها الاعتيادي، اصابتان في مشاجرة ريمون، وشخص يطعن 6 في مستشفى جرش الحكومي، وأخ يقتل أخاه في معان.وامرأه تقتل طفلتيها في ماركا، ومقتول بوسط البلد... حدث هذا في غضون ثلاثة ايام فقط.
المعلومات الدولية عن جرائم الصيف تفيد ان الحر يُوقظ العنف والدموية والرغبة في البطش وهو ما تؤكده الكثير من الدراسات العلمية والإحصائيات الرسمية عبر التاريخ وبمختلف بقاع العالم؛ في نذير سوء تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب التغير المناخي.
وبحسب قناة بي بي سي البريطانية فإن تسجيل جرائم العنف بدأ في القرن الـ 19 ليتزامن مع أول تحليل للجريمة في أوروبا يؤكد زيادة الجرائم الواقعة على ضحايا بشر في الصيف مقابل تزايد الجرائم الواقعة على الأملاك كسرقة المنازل والأراضي في فصل الشتاء.
وتزامن أكثر فصل صيف حار في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1988 مع أحد أعلى معدلات الجريمة العنيفة في أمريكا إذ تخطى عدد جرائم القتل والاغتصاب والسطو المسلح المليون ونصف من الجرائم بينما تزامنت أكبر موجات الحر العالمية عام 2018 مع ارتفاع عدد الاستغاثات الهاتفية للشرطة البريطانية بنحو 1000 استغاثة يومية وارتفاع نسبة تلك الاستغاثات بـ 40% ببعض المناطق البريطانية خلال تلك الموجة الشهيرة.
وتزداد حدة جرائم القتل تحديدا في أيام الصيف الحارة إذ أفادت إحدى الدراسات في دولة جنوب إفريقيا بأن زيادة درجة حرارة مئوية في اليوم مسؤولة عن ارتفاع جرائم القتل بـ 1.5% بنفس اليوم بينما أفادت دراسة في اليونان بأن 30% من 137 جريمة قتل متضمنة بدراسة وقعت بأشد أوقات اليوم حرارة بـ 26 درجة مئوية.
وعن جرائم العنف العادية فذكرت دراسة بريطانية بارتفاع احتمال وقوع جرائم العنف بـ14% مع ارتفاع درجات الحرارة من 10 لـ 20 مئوية بينما أفادت دراسة مكسيكية بارتفاع معدلات الجريمة المنظمة بالأيام الحارة.
وأما عن نسب الانتحار فأكدت دراسة عالمية بأن أكثر من مليون و320000 شخص يقدمون على الانتحار في 12 دولة حول العالم عندما تتخطى دراجات الحرارة الـ 26 مئوية مع ارتفاع تلك النسبة بين الدول الأوروبية ودولة جنوب إفريقيا.
وأما عن المظاهرات العنيفة فأشارت دراسة لأن الأغلبية من 5000 انتفاضة ومظاهرة حدثت خلال الـ 4 عقود الماضية كانت في أيام الصيف وارتبطت شدة العنف فيها طرديا مع درجات حرارة اليوم.
وأفادت دراسة أخرى من القرن الـ 19 بأن الانتفاضات في أوروبا تبلغ ذروتها شهر يوليو بينما تبلغ انتفاضات أمريكا الجنوبية ذروتها في يناير الذى يتوافق مع الصيف بنصف الكرة الأرضية الجنوبي.
واختلف العلماء في أسباب اقتران الأيام الحارة بجرائم وأحداث العنف فذهب كثيرون منهم لتأثير الحر على شعور الإنسان بالضيق والاكتئاب والعدوانية وهو ما تؤكده دراسة فنلندية بتغير مستوى مادة السيروتونين بالدماغ في الأيام الحارة وهي المادة المسؤولة عن ضبط المزاج، بينما يؤكد فكرة تعكر المزاج صيفا دراستين فى أمريكا عن ارتباط أيام الصيف بأكثر المقالات الصحفية سلبية وعدائية وأيضا ارتباط الأيام الحارة بأقسى الجزاءات التي يعطيها حكام كرة القدم لللاعبين.
ويرى علماء آخرون بأن ارتفاع هورمون التستسترون بسبب الحر هو سبب طفرة الجرائم صيفا وهو ما تؤكده الدراسة الأمريكية بارتفاع نسبة حوادث الاغتصاب في الصيف عن الشتاء بـ 12%.
جرائم الصيف اذن ظاهرة عالمية عامة ومزمنه، تتساوى فيها جرش وحي الليل ومعان مع هلسنكي وكمبالا.. والخلاصة:- فالج لا تعالج.