ما أن تسلّم ابني دانييل نتيجة علامته في برامج الدراسة IGCSE O Level محققاً A* في السبعة مواد أي معدل 100% حتى إرتج جسمه من شدة الفرح ووثب عدة وثبات تلامس عنان السماء، ولم تقدر مقلتيه على إحتباس الدموع المنهمرة على وجنتيه الصافيتين صفاء قلبه ونقاء سريرته وألمعية عقله، وصوته قد تحشّرج من شدة الفرح وتحقيق الهدف.
النجاح في الحياة ليس محض صدفة وليس ضربة مندل، بل هو تخطيط وتنظيم وإجتهاد ومثابرة في ظروف أشبه ما تكون قاسية وصعبة وما يرافقها من منغضات قد تؤثر على نفسية الإنسان وتضعف من إدائه وتسبب تراجعه. ولكنّ هنا تبرز قوة الفرد في قبول التحدي رغم كل الظروف والإصرار على النجاح وأي نجاح؟ النجاح الذي رسمه الشخص لنفسه ولحياته. فكثيرون يعرفون أن إجتيازهم لعلامة الناجح حاصلة، ولكنَّ كلَّ اهتمامهم أن يحققوا نجاحاً باهرا يفرّغون فيه طاقتهم وذكائهم وجهدهم.
فلحظة إعلان النتيجة تكشف الوجه الآخر للفرح. فللفرح وجه آخر يمتزج بالدموع والآهات الصادرة عن القلب قبل العينينين والصدر، لأنها إنعكاس لِكَمِّ التعب والجهد والألم الذي رافق هذا النجاح.، وهي ضرورية ليرى الحاسدون أن النجاح له ثمن وله ضريبة وليس مجرد تمنّي، بل تضحية والتزام وضبط النفس في سبيل الوصول لنهاية الطريق.
لكن ما يصعب فهمه للوهلة الأولى تلك الرعشة وتلك الرجَّة التي يُحدثها مثل هذا النجاح في الجسم؟ أهي الآهات المعبرة عن الظروف الصعبة والقاسية خلال الفترة الماضية؟ أم صرخات الشكر لله على إجتياز حقول الشوك التي تعترض المسيرة؟ تلك لحظات لا تتكرر ولا تصدر في الأوقات العادية، وتكون خارج السيطرة والإرادة، ولكنها لحظات قبول الحقيقة التي لا يساورها شك بأنَّ التعب وسهر الليالي لم يأتِ إلا بما يفرِّح القلب ويبهج قلب الأهل والمعارف والأحباب.
وما من شكٍّ أن طريق العلى لا تتحقق إلا بمن طوى صفحات من الجهد والتعب والتضحية.