نجح بيت القرار الكويتي بالتعامل مع مناخات الاحتقان الشعبي والاجواء السلبية وحالات التذمر الاجتماعي التي كانت سائدة قبل الانتخابات بسياسية احتواء عميقة اسقطت بظلالها على المشهد الانتخابي عندما قام بتمثيل المعارضة في البرلمان واعطائها كرت الاغلبية النيابية وذلك بعدما حصدت المعارضة الكويتية ذات اللون الاحمر 30 مقعدا من اصل 50 لتشكل بذلك كتلة الاغلبية النيابية وتكون متفوقة على الكتلة الزرقاء الاقرب للحكومة، ما يعني استبدال زعيم التيار الازرق مرزوق الغانم بزعيم الكتلة الحمراء المخضرم احمد السعدون ليكون في سدة رئاسة مجلس الامة .
الانتخابات التي شهدت سقوط للوزراء المنتخبين وقفز بنسبة التمثيل للمكون الشيعي من 6 الى 9 مقاعد اضافة الى تنامي حضور التيار السلفي وعودة المرأة الكويتة للبرلمان وهو ما فسره البعض انه يشكل جملة امتصاص سياسية لاحتواء حالة الغضب الشعبية وهو ما يسجل للحكومة القادمة التي على الاغلب سيرأسها الشيخ احمد النواف، وبهذا تكون الكويت قد نجحت بتنظيم انتخابات نجحت فيها الحكومة بالادارة والمعارضة بالتمثيل عندما فاز المعسكر الاحمر بالاغلبية فازت فيها الحكومة بالسلطة وان اصبح تياراها الازرق يمثل تيار الاقلية داخل المجلس.
الحكومة الكويتية التي اعلنت حيادية التصويت داخل المجلس ولجانه على الرغم من امتلاكها 16 صوتا كان يمكن عبرها التأثير على الصورة الكلية لواقع المجلس، لكنها ارادت عبر هذا القرار ان ترسل رسالة سياسية مفادها يقوم على تشكيل حكومة توافق وطني بين الكتلة الحمراء والتيار الازرق الذي اكتفت قياداته بعدم التعليق واعلان عدم الترشح لمواقع سيادية داخل اروقة المجلس وهو ما جاء منسجما روحا ومضمونا مع ما ذهبت اليه الحكومة بسياسة الاحتواء بهذه المرحلة .
قرار بيت الحكم الكويتي بمكافحة الفساد ووقف حالة الترهل الاداري وعودة عامل الثقة للمؤسسات العامة تم بيانه بشكل واضح من خلال تعزيز عامل المصداقية الذي تحمله المعارضة لبيت القرار بدفة الميزان الاخرى، وهو ما يكسب صناع القرار مزيدا من الاهلية ويمنحهم دوائر تاثير واسعة ويجيب على كل الاسئلة المطروحة بالشارع الكويتي من كان يسأل ويشكك عليه الاجابة والدفاع باعتباره شريك فاعل في بيت القرار .
إن الاستثمار بالمعارضة وهو خير استثمار كونه سيعيد التوازن ويستبدل المزاج العام اذا ما تم توظيفها في الاطار الجامع لكونها ستكون خير مراقب وخير شاهد على حركة الإصلاحات التنموية والادارية والاقتصادية لبرنامج الحكومة القادم وهو ما تم تجسيدة على الارض الواقع من خلال اعطاء صوت الاغلبية للمعارضة، وهذا ما يعني ان الكويت على ابواب الوقوف عند منطلق جديد الامر الذي يجعلنا مستبشرين بعودة الكويت للمكانة المميزة التي كانت تمتاز بها على الدوام.
التجربة الكويتية بإدخال المعارضة هي تجربة رائدة في الاجابة على الأسئلة، ويتوقع ان تحمل تأثيرات كبيرة ليس فقط على الصعيد الذاتي التنموي لكن ايضا على الواقع السياسي الموضوعي كونها ستقدم نموذج بناء يعزز من حالة المنعة المجتمعية مع دخول المناخات الاقليمية بتجاذبات حادة نتيجة حرب اوكرانيا وهو النموذج الذي يقدم الكويت باعتبارها نموذج بالديمقرطية التعددية في المشرق العربي ويقدم صورة حية للنهج القويم.