من المفارقات العجيبة والغريبة والمستهجنة التي يرفضها أبسط عقل بشري ان لا يتعظ الانسان بغيره ولا يتعلم من تكرار الدروس، وغني عن الاسهاب في هذه المفارقة ففي امثالنا الشعبية عن التعلم بواسطة التكرار ما يمكن ان يكون كافيا لأن يتعظ من لا يزال يعتقد ان الفرحة لا تكتمل الا من خلال موت الاخرين ومن خلال ان يرى مشاهد الألم في نفوس الاخرين وسيل الدماء نتيجة تصرف ارعن وطائش.
كم من طفل بريء جلس امام بيته، او كان في ملعبه، او في شارعه، او حتى في عقر داره، سعت اليه رصاصات من مسدس او سلاح في يد شخص مسكون بالطيش والاستهتار، وكم من اسرة فقدت عزيزا عليها بفعل هذه الممارسة العجيبة والغريبة وغير المفهومة ولا المبررة، فأي فرح هذا الذي لا يتم الا بهذه الفرقعات الجوفاء وثمنها دماء بريئة تسكب بلا ذنب وعلى حين غرة، وما علم أولئك انهم لن يهربوا بفعلتهم وان يد العدالة ستطالهم وان طال الوقت، وكان اخر هذه الحوادث المؤسفة في مدينة جرش وما وقع للطفل البريء الذي خرج مع اقرانه ليلعب وهو يحلم بغد افضل تاركا في البيت ام تنتظره واب يتطلع الى مستقبله ليعود اليهم مضرجا بدماء زكية اهدرها انسان اقل ما يقال فيه انه غير مسؤول ويخلو من الحس الإنساني ولم يتعلم من دروس كثيرة، فبدلا من ان يعود لاستكمال واجباته المدرسية عاد اليهم ملفوفا في كفن كزهرة قطفت في غير موسمها، الا يتعظ أولئك بعد؟ الا يجدون في الأمثلة والقصص المتكررة دروسا كافية لوقف هذا العبث والاستهتار.
الا اننا هنا وفي جانب اخر من الصورة، نسجل بكل اعتزاز تلك الجهود للعاملين على حفظ الامن في بلدنا الغالي وعلى جهود محافظ جرش والعاملين في المحافظة والاجهزة الأمنية بكل كوادرها ومرتباتها واختصاصاتها الذين يثبتون يوميا الكفاءة والقدرة والحرص على ان لا يهرب فاعل بفعلته، فهم العين الساهرة واليد الامينة على امن الوطن والمواطن، ومها قلنا فلن نستطيع ان نوفي هؤلاء لرجال حقهم من الشكر والتقدير، وفي زمن اقل من القياسي كان مطلق النار في قبضتهم.
بوركت الجهود أيها الرجال، ولتخرس تلك الأسلحة الجوفاء ولتصمت تلك الأصوات التي تطرب صغار العقول فقط، ولنحافظ على الاتزان في الفرح ولنعبر عنه بطرق اكثر تحضرا واكثر امانا، كفى كفى كفى.