على مدار سنوات طويلة، اختارت كلارا عزام رئيس قسم الخلية بمعهد المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية في مصر مساعدة ملايين الأشخاص، عن طريق البحث حول إنتاج سلالات مقاومة للجفاف والأمراض والحشرات من نباتات الأرز وزهرة الشمس والفول السواني.
ركزت عزام وهي أستاذة التكنلوجيا الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بمعهد المحاصيل الحقلية، على استخدام التقنيات الحيوية والبيولوجيا الجزيئية لإيجاد سلالات مقاومة للفطريات المُفرزة لأخطر المواد السامة "الأفلاتوكسين"، فاستطاعت الوصول إلى مبتغاها من خلال استخدام التربية التقليدية مع الطرق "البيو تكنولوجية" الحديثة المتمثلة في زراعة الأنسجة والمعلمات الوراثية الجزيئية.
وتقول عزام إن البحث عن حلول لمحاصيل أكثر إنتاجية، وإنقاذ الأرواح من خلال سلالات مقاومة للأمراض والفطريات، هدف أسمى لابد أن يحظى باهتمام كل الباحثين والعاملين في الحقل العلمي في كافة المجالات والتخصصات.
من هي كلارا عزام؟
• تُمثل مصر كباحث رئيسي في المشروع العالمي الذي يهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، وتطوير العمليات الزراعية القائمة على الكتلة الحيوية في القارة السمراء، لتعزيز الاستدامة والاستفادة من المواد الأولية.
• تم إدراج اسمها كواحدة من أهم الباحثين في العالم خلال العام الجاري وفقاً لموقع Scientificindex.
• حصلت على منحة من ألمانيا لمدة 13 شهراً بين عامي 1998 - 1999 بقسم بيولوجيا الخلايا الجزيئية في معهد وراثة النباتات وبحوث المحاصيل الحقلية IPK.
• تم اختيار بحث لها كأفضل بحث من معهد بحوث أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية عام 2007 بعنوان المعلمات المرتبطة بمقاومة أمراض موت البادرات وعفن الجذور لطفرات الفول السوداني وإنتاجيتها.
حصلت على زمالة ما بعد الدكتوراة من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة، من مركز التكنولوجيا الحيوية 2010.
سلالات مقاومة لـ "المرض الغامض"
وترى عزام أنّ "الأفلاتوكسين هو أحد أخطر السموم الفطرية على صحة الإنسان والحيوان، وتعرّض أي شخص لكمية بسيطة للغاية منه ولو جزء من المليون تؤدي إلى وفاته، وهذا ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية".
وتابعت: "كما أنّ تعرض الأطفال له لمدد طويلة وبنسب أقل بكثير، يؤدي إلى التقزّم وحدوث خلل في الجهاز المناعي لهم، فسموم (الأفلاتوكسين) من الممكن أن تدخل إلى جسم الإنسان إما بطريقة مباشرة من خلال الأغذية، أو غير مباشرة من خلال تناول منتجات مصدرها حيوانات سبق لها أن تغذت على أعلاف ملوّثة بالسموم الفطرية".
وتستفيض الحاصلة على جائزة المرأة التقديرية في الزراعة والعلوم الغذائية، في توضيح مخاطر تلك السموم الفطرية التي عملت على إيجاد سلالات مقاومة لها قائلة: "الأفلاتوكسين يعتبر أيضاً أحد أكثر المركبات المسببة للسرطان المنتجة من أصل طبيعي، وبداية انتشاره كانت في عام 1952 بسبب تسمم ناتج عن استهلاك ذرة صفراء متعفنة من قبل الخنازير المعدة للتربية في جنوب الولايات المتحدة".
"في عام 1960، أُطلق على (الأفلاتوكسين) المرض الغامض الذي أدى إلى موت عشرات الآلاف من أفراخ طيور الديكة الرومية في انجلترا، وفي روسيا خلال الحرب العالمية الثانية توفي عدد كبير من سكان إحدى القرى وماشيتها بسبب تعرضهم لهذا السم، الذي تسبب حينها في نقص وتسمم كرات الدم البيضاء"، بحسب قولها.
إنقاذ عباد الشمس من الهلاك
وبسبب الارتفاع الزائد عن الحد لنبات عباد الشمس والذي كان يُعرضه للانكسار، تمكّنت عزام عن طريق استخدام البيولوجيا الجزيئية وعملية عزل الجينات من التغلب على تلك الأزمة، ونجحت في تقصير طول النبات بالحد الذي يحول دون تعرضه للانهيار والهلاك بسبب الرياح ونحو ذلك، لتكون النباتات أكثر انتاجية وقوة عن الماضي.
وتعمل عزام على نبات الشيا خلال الفترة الحالية، ضمن مشروع دولي تم منحه من FOSC وبتمويل من صندوق العلوم والتنمية والابتكار: "نبات الشيا لا يزرع بمصر، ويتم استيراده من الخارج بالعملة الصعبة، رغم أنه زراعته تجود تحت ظل الظروف المصرية، ولا توجد أي أصناف مسجلة في مصر، لذا أقوم من خلال المشروع الآن أنا وفريق المشروع البحثي بتسجيل أول صنف شيا تحت اسم مصر 1".
وتقول إن "تلك البذور صالحة للأكل، مصدرها نبات يعيش في الصحراء يسمى سالفيا هيسبانيكا، وهي من الحبوب الكاملة المهمة لجسم الإنسان ويتم إدخالها إلى النظام الغذائي بغرض الإشباع وتخفيض الوزن، فضلاً عن الفوائد الأخرى، بجانب تميزها بقيمتها الغذائية العالية التي تحتوي في تركيبها على الأحماض الدهنية أوميغا 3 والكربوهيدرات والبروتين والألياف ومضادات الأكسدة والكالسيوم".
وتقدّم الحاصلة على جائزة المرأة التقديرية في مجال الزراعة والعلوم الغذائية في مصر نصائحها لشباب الباحثين قائلة إن عليهم أن يحبوا عملهم، لأن هذا يُهون كل الصعاب، وأن يراعوا ضميرهم، ويراعوا الدقة في عملهم، مضيفة أن "مصر تستحق أن نعمل جميعاً بجد لكي تكون في المراتب الأولى وفي مصاف الدول المتقدمة، فنحن نملك عقولا ممتازة وإرادة حديدية".