نظم اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بالتعاون مع المركز الثقافي التركي وصالون الأدب والثقافة اليوم الثلاثاء ندوة عن (الأدب الأندلسي) .
وحضر الندوة التي أقيمت في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين عدد كبير منهم وزير الثقافة الأسبق بركات عوجان و المؤرخ والباحث عمر العرموطي و الشيخ علي الزيدان الحنيطي وبالاضافة إلى حضور عدد من شيوخ العشائر والأكاديمي والمفكر المعروف د. خالد الشرايري والمهندسة قمر النابلسي عضو مجلس أمانة عمان الكبرى عن منطقة العبدلي والمؤرخ الدكتور محمد عيسى العدوان مدير مركز التوثيق الهاشمي السابق والمؤرخ الدكتور سليمان البدور والأستاذ أو ببس كايا مؤسسه وقف المعارف التركية والاكاديمية ود.عبدالعزيز قفطان العدوان نائب المدير العام لهيئة موقع المغطس الإعلامية د. شيرين الحسين العواملة وعدد كبير من الأدباء والكتاب والمؤرخين والمثقفين وبحضور عدد كبير من الاعلاميين .
وألقى المؤرخ عمر العرموطي في الندوة كلمة وتاليًا نصها
معالي الأستاذ الدكتور حسن أوريد/ فيلسوف ومؤرخ ومفكِّر المغرب... ضيف الأردن الكبير
معالي الدكتور صلاح جرّار/ وزير الثقافة الأسبق.
سعادة الأستاذ أنصار فُرات/ مدير المركز الثقافي التركي.
سعادة الشاعر عليَّان العدوان/ رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين. أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة.
أيُّها الحفلُ الكريم...
أُحييكم في هذا المساء العمَّاني الجميل من عمَّان قلب العروبة النابض... المدينة التي تُجمِّع ولا تُفرِّق، وعاصمة المُهاجرين والأنصار.
أهلاً وسهلاً بضيفنا الكبير معالي الأستاذ الدكتور حسن أوريد/ مُفكِّر ومؤرخ وفيلسوف المغرب... فالعُلماء ورثة الأنباء.
الدكتور حسن أوريد يُعتبر من أهم المُفكِّرين العرب في العصر الحديث والمُعاصر... وهو الآن مُتفرِّغ للعلم والثقافة والتأليف... وكما سمعت بأنه بعد أن يُصدرَ ويطبعَ كتبهُ فإنها تنفذ من الأسواق بسرعة.
أهلاً وسهلاً بضيف الأردن الكبير... حللت أهلاً... ووطئت سهلاً، فأنت بين أهلك ومُحِّبيك في عرين الكُتّاب الأردنيين وبيتهم/ اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، فالمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية شقيقتان.
ومن خلال إعدادي وتأليفي لموسوعة عمَّان أيام زمان اتَّضح لي بأن هناك علائلاتٍ عمَّانيةٍ من أُصول مغربية وبأن هناك أكثرَ من عائلة تحمل اسم (المُغربي)..... وإن ذلك شرفٌ لنا.
فالمملكة المغربية دولة لها تاريخ عريق فقد انطلق منها العرب المسلمون بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد وفتحوا الأندلس في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان... وظهرت في المغرب دولة الأدارسة، ودولة المُرابطين والمُوحِّدين... وفيها جامعة القرويين التي تُعتبر أقدم جامعة في التاريخ وهي في مدينة فاس العاصمة الروحية للمغرب.
وكما أننا ندعو الله ليلاً نهاراً بأن يُفك أسر المسجد الأقصى وبأن نستعيد القدس الشريف وفلسطين الحبيبة من الصهاينة الغاصبين... فإننا كذلك ندعو الله بأن تعود سبتة ومليلة إلى الوطن الأُم المغرب.
وإنني أتذكر الآن عندما كُنت أدرس التاريخ في الجامعة الأردنية في التسعينيات من القرن الماضي حيث كان (آنذاك) أستاذي معالي الدكتور صلاح جرّار أستاذاً في قسم اللغة العربية في كلية الآداب... أتذكر بأن أحد أساتذة التاريخ كان لديه وجهة نظر: بأن الفاتحين العرب المسلمين القادمين من صحراء الجزيرة العربية بعد أن أقاموا دولتهم في الأندلس حصل تزاوج بينهم وبين أهل البلاد الأصليين من – القوط الغربيين - الأوروبيين... لذلك فإن هذا التباعُد في الزواج قد نتج عنه أمرين: الأمر الأول/ جيل جديد من المواليد جميل الشكل... والأمر الثاني/ جبل جديد من المواليد من الأذكياء والعباقرة بسبب هذا التباعُد في التزاوج فقد ظهر منهم العُلماء والأدباء والشعراء والنوابغ وهم الذين شيّدوا حضارة الأندلس التي خلَّدها التاريخ... وأذكر عدداً من هؤلاء العلماء والعباقرة في الأندلس مثل: ابن حزم الأندلسي، وابن عبد ربه، ومحيي الدين بن عربي، والزهراوي، وابن زيدون، وابن جبير، ولسان الدين الخطيب وغيرهم...
وبما أننا نتحدث عن الأندلس والأدب الأندلسي... فمن خلال دراستي للتاريخ فإن بعض المدن الأندلسية كان اختيار موقعها يعود لأسباب...
فمثلاً مدينة قرطبة عاصمة الأمويين في الأندلس في عهد الخليفة الأموي عبد الرحمن الداخل الذي اتخذها عاصمة في القرن العاشر الميلادي... وهي تقع الآن في جنوب إسبانيا على ضفاف نهر الوادي الكبير... وبها جامع قرطبة الكبير وكانت بها مكتبة عظيمة بها 400 ألف كتاب... وقد اتخذها الأمويون عاصمة لهم؛ لأنها تذكرهم بدمشق مسقط رأسهم وعاصمة الخلافة الأموية في الشرق.... وقد ذكرها المؤرخ ياقوت الحموي.
... تقع قرطبة على ضفاف نهر الوادي الكبير وهو الذي يخترقها من شرقها إلى غربها وهي تقع على سفوح جبال سيرامورينا.
... وقد تأثّر الأمويون حكام الأندلس بمسقط رأسهم وعاصمة الخلافة الأموية في الشرق – دمشق -... لأن دمشق تقع على ضفاف نهر بردى وفي الأعلى يقع جبل قاسيون... فرغم أن الأمويين أسّسوا دولتهم الجديدة في جنة الأرض الأندلس إلا أنهم شعروا بالحنين لمسقط رأسهم وعاصمتهم دمشق؛ لأن هناك وجه شبه ما بين قرطبة ودمشق، فكلاهما قد تم بناؤهما عل ضفة نهر وفي الأعلى هناك جبل مرتفع... لذلك اختار الأمويون قرطبة عاصمة لهم؛ لأنها تذكرهم بدمشق التي كانوا يشعرون بالحنين لها...
ومن خلال تدويني لتاريخ العاصمة عمَّان في موسوعة عمَّان أيام زمان فإن هذا الوضع قد تكرّر في قصة تأسيس (حي الأرمن) في العاصمة الأردنية عمَّان، وفي مقابلة أجريتها مع المهندس – أنترافيك لبجيان – (رئيس النادي الوطني الأرمني) فقد قال لي: بأن جماعة من الأرمن وصلوا إلى مدينة عمَّان عام 1915م وسكنوا في البداية حول سيل عمَّان أو (نهر عمَّان) ومنذ اليوم الأول لمجىء الأرمن إلى الأردن رحَّب بقدومهم أهل عمَّان – في ذلك الوقت – أي قبل عهد الإمارة والحكم الهاشمي عام 1921م، كما رحب بهم عدد من وجهاء عشائر بلقاوية عمَّان ومنهم الشيخ منور الحديد والشيخ شاهر الحديد وكذلك الشراكسة... وبعد عام 1921م كانت علاقتهم طيبة مع الملك المؤسِّس عبدالله الأول ابن الحسين.
ومنذ اليوم الأول الذي جاء به الأرمن إلى عمَّان بدأوا في صناعة المعالق والصحون من الخشب... لأنهم بالأصل أصحاب حرفة ومهنة وصناعة وكذلك عملوا بالتصوير كمصورين وفي الخياطة ورَتْيِ الملابس... وبعد أن تحسَّنت أوضاعهم المعيشية بدأوا يفكرون بتأسيس حي خاص بهم... علماً أنه في الأردن لدينا مثل شَعبي يقول: "المَربَى غالي" أي أن الإنسان يشعُر بالحنين لمسقط رأسه لذلك قام الأرمن بتأسيس حي الأرمن في قمة جبل الأشرفية؛ لأن هذا الموقع يُذكرهم بعاصمة أرمينيا "يريفان" فهي تقع في أعلى جبل وفي الأسفل هناك نهر جارٍ، تماماً كما هو الحال في حي الأرمن في عمَّان الذي يقع في قمة جبل الأشرفية وفي الأسفل سيل عمَّان أو (نهر عمَّان).
وفي ذلك تشابُه مع اختيار الأمويين في الأندلس لقرطبة عاصمة لهم؛ لأنها تذكرهم بعاصمة الخلافة الأموية في الشرق دمشق.
... وفي الختام أُكرر الترحيب بالمُفكِّر العبقري الأستاذ الدكتور حسن أوريد... وأشكر اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين على تنظيم هذه الندوة الرائعة عن الأدب الأندلسي بالتعاون مع المركز الثقافي التركي وصالون الأدب والثقافة.