فيما تتجدد مشكلة الأقساط المدرسية للمدارس الخاصة سنويا، بما يرافقها من شكاوى متعددة، تبدأ حاليا دوامة متوقعة من مخاوف قد يثيرها رفع جديد بسبب الرسوم التي أضافتها مسودة النظام المعدل لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية.
وأعدت وزارة التربية والتعليم نظاما معدلا لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لسنة 2023 والمنشور على الموقع الإلكتروني لديوان التشريع والرأي للتعليق عليه قبل إقراره بشكل نهائي، والذي تضمن تعديل بنود لبعض المواد، والرسوم التي تستوفيها وزارة التربية والتعليم من هذه المؤسسات.
ولطالما كانت المدارس الخاصة محور جدال لاسيما ما يتعلق منها بإقدام بعضها على حجز ملفات طلبة أو حرمانهم من شهاداتهم وأداء امتحاناتهم على خلفية أمور مالية.
وبينما تؤكد وزارة التربية والتعليم أن مسودة النظام المعدل لن تنعكس على الأقساط المدرسية كون رفع تلك الأقساط ينبغي أن يسوغ بمبررات محددة، يعرب أولياء أمور عن تخوفهم من أن ينعكس أثر هذا النظام المقترح على الرسوم المدرسية التي تتقاضها المدارس، في وقت يؤكد أصحاب مدارس خاصة أن من سيدفع هذه الزيادة في الرسوم المنصوص عليها في مسودة النظام المعدل هم أولياء الأمور وليس أصحاب المدارس.
إلى ذلك، قال مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم أن مسودة النظام المعدل لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الأجنبية والخاصة لسنة 2023 لن يساهم برفع الأقساط المدرسية.
وبين المصدر، أنه "لا يحق للمدارس الخاصة رفع الرسوم المدرسية على الطلبة، دون محددات وشروط تضعها الوزارة"، موضحا أن هنالك شروطاً تحدد السماح للمدرسة برفع الرسوم من عدمه، ويكون ذلك عبر لجنة مختصة وبمصادقة وزير التربية والتعليم على القرار.
وأضاف أن الوزارة وافقت على رفع رسوم 27 مدرسة خاصة بنسبة 3 % من أصل 70 مدرسة تقدمت بطلبات رفع الرسوم للعام الدراسي 2023/2024.
وأشار إلى أن لجنة الرسوم المدرسية المشكلة بموجب تعليمات زيادة الرسوم المدرسية للمدارس ورياض الأطفال للعام 2022 قامت بدراسة هذه الطلبات، آخذة بعين الاعتبار نسبة التضخم للعام 2022 كما ورد من دائرة الإحصاءات العامة، والخدمات المقدمة للطلبة، بالإضافة الى فرق رواتب المعلمين للسنة السابقة للعام الدراسي المراد زيادة الرسوم فيه، وتهيئة المدرسة لمتطلبات ذوي الإعاقة ودمجهم مع الطلبة بما نسبته 1 % من مجموع طلبة المدرسة.
وأوضح أن اللجنة مع انتهاء المدة القانونية للتقديم رفضت طلب 43 مدرسة لزيادة رسومها لعدم وجود مبررات كافية.
وتنص المادة 6 من نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية على أنه "حددت فترة تقديم طلبات زيادة الرسوم المدرسية خلال الفترة الواقعة ما بين 2 كانون الثاني (يناير) إلى 20 نيسان (أبريل) من كل عام".
وتابع المصدر أنه يحظر بموجب التشريعات زيادة الرسوم الدراسية دون الحصول على موافقة الوزارة المسبقة على ذلك.
وتنص المادة 11 من نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية رقم 130 لسنة 2015 وتعديلاته على "تعد المؤسسة عقدا خاصا موحدا تعتمده الوزارة وتوقعه المؤسس وولي أمر الطالب عند التسجيل ويحتفظ كل منهما بنسخة منه على أن يتضمن هذا العقد الرسوم المدرسية ولا يحق للمؤسسة تقاضي أي مبالغ أخرى مهما كان اسمها أو نوعها أو مقدارها لم ترد في العقد تحت طائلة استردادها لصالح ولي الأمر".
وبين المصدر أن أي مدرسة تتخذ قرارا برفع الرسوم على الطلبة لوحدها، دون العودة إلى الوزارة يتخذ بحقها إجراء إداري فوري، داعيا أولياء أمور الطلبة لإبلاغ الوزارة عن أي من تلك المخالفات.
ونصت الفقرة أ من المادة 39 من قانون وزارة التربية والتعليم على: "إذا خالفت أي مؤسسة تعليمية خاصة أي حكم من أحكام هذا القانون أو أي نظام صادر بمقتضاه فينذرها الوزير لإزالة هذه المخالفة خلال أسبوعين من تاريخ تبليغ الإنذار، وإذا استمرت المخالفة أو تكررت فللوزير إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها مناسبة أو إلغاء ترخيصها ويكون قرار الوزير قابلا للطعن فيه أمام محكمة العدل العليا".
كما نصت الفقرة (ب) من القانون ذاته على "للوزير إحالة المؤسسة المخالفة إلى المحكمة المختصة والتي لها فرض غرامة عليها لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على مائة ألف دينار".
وأكد المصدر أن الإدارة تقوم برصد هذه المخالفات من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم والإيميل الخاص بالإدارة التعليم الخاص والخط الساخن في الإدارة فضلا عن الشكاوى الخطية المقدمة من قبل أولياء أمور الطلبة.
وبين أن النظام المعدل سهل الإجراءات على المدارس الخاصة عند عمليات الترخيص، مشيرا إلى أن النظام المعدل ألغى العديد من الإجراءات، وأصبح الترخيص لمرة واحدة.
وبلغ عدد المنتقلين من المدارس الخاصة إلى الحكومية في العام الدراسي الماضي أكثر من 30 ألفا، في حين بلغ عدد المنتقلين من المدارس الحكومية الى الخاصة نحو 21 ألفا.
في حين أعرب ولي الأمر محمود عودة عن تخوفه بأن ينعكس ما ورد في مسودة النظام المعدل بشأن الرسوم المستوفاة من المدارس الخاصة على أولياء الأمور والأقساط المدرسية.
وبين عودة أن هذا النظام المقترح سيضيف أعباء جديدة على أولياء الأمور، كون المدارس الخاصة ستلجأ إلى رفع أجور المواصلات وأثمان الكتب المدرسية والزي المدرسي.
وأشار إلى أن أولياء الأمور يعيشون كابوسا في بداية كل عام دراسي وهم يحاولون البحث عن مدرسة تتناسب مع الدخل السنوي للأسرة، في ظل استمرار مدارس خاصة برفع أسعارها بطرق "مباشرة وغير مباشرة، كدفع أولياء الأمور بدل حجز مقعد للعام الدراسي الجديد، بدون أن يخصم من القسط المدرسي، فضلا عن استيراد كتب أجنبية بمبالغ خيالية، ودفع مبالغ كبيرة بدل أنشطة مدرسية".
وشاطره الرأي ولي الأمر محمد برهان، الذي أكد أن المدارس الخاصة "لن تقف صامتة أمام هذا المقترح، وستعمل جاهدة لعكسه على أولياء الأمور بشتى الطرق، الأمر الذي يجعلني أفكر في نقل أبنائي الثلاثة إلى المدارس الحكومية".
وقال برهان: "كنا ننتظر إيجاد نظام يساعد أولياء الأمور في اختيار المدرسة التي تتناسب مع دخل الأسرة، وليس نظاما يضيف أعباء إضافية عليهم".
إلى ذلك، قال مدير عام مدارس الرأي وكينغستون الدكتور محمد أبو عمارة، إن مسودة النظام المعدل لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية تحتوي على العديد من النقاط الخلافية.
واضاف ابوعمارة : "دائما عند حدوث تعديل أو تغير على نظام سابق يكون الهدف منه إحداث ايجابيات، لكن الملاحظ في التعديلات المقترحة على مسودة النظام انها تقريبا اقتصرت على نقطة واحدة متمثلة بزيادة الرسوم المستوفاة من المدارس بشكل مبالغ فيه".
وأكد أن زيادة التكاليف على المؤسسات التعليمية ستترتب عليها زيادة على الرسوم في المدارس، وهذا أمر طبيعي، لافتا إلى أن المدارس الخاصة ستقوم بزيادة أقساطها بشكل غير مباشر على أجور الحافلات والزي المدرسي وبدل حجز المقعد، والأنشطة وغيرها.
وبين أن من سيدفع هذه الزيادة في الرسوم هم أولياء الأمور وليس صاحب المدرسة، لافتا إلى أنه لم تتم استشارة أصحاب المدارس الخاصة في هذا النظام المقترح، مع أنهم الطرف المعني بهذه التعديلات.
وشاركه الرأي صاحب مدارس "تقارب" الدكتور عز الدين أبو اربيله، الذي قال إن زيادة التكاليف على المؤسسات التعليمية سينعكس بشكل أو بآخر على الرسوم التي تتقاضها المدارس من أولياء الأمور.
وبين أبو اربيله أن الرسوم المستوفاة من المدارس الخاصة في مسودة النظام المعدل مرتفعة بشكل مبالغ فيه، وهذا الأمر سينعكس سلبا على هذا القطاع والاستثمار فيه.
وأكد أن هناك العديد من المدارس الخاصة متعثرة ماليا، فكيف تستطيع دفع هذه الرسوم، الأمر الذي قد يضطرها لإغلاق أبوابها.
وكان ديوان التشريع والرأي نشر مؤخرا عبر موقعه الإلكتروني نظاما معدلا لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لسنة 2023، تضمنت المادة 7 منه الرسوم التي تستوفيها الوزارة لمرة واحدة.
وبحسب المادة المذكورة، تتقاضى الوزارة رسوما تبلغ 200 دينار عن كل شعبة صفية في المدارس، و200 دينار في رياض الأطفال مقابل إصدار رخصة، فيما كان رسم إصدار الرخصة لأول مرة 1000 دينار للمدارس، و200 دينار للروضات في النظام المعمول به حاليا.
كما تم رفع رسم إعادة العمل بالرخصة بعد انتهاء المدة المحددة لوقف العمل بها في مسودة النظام إلى ألف دينار للمدارس، و100 دينار لرياض الأطفال، بعد أن كان تجديد الرخصة سنويا في النظام الحالي 200 دينار للمدارس، و100 دينار للروضات.
وأشارت المسودة إلى أن رسم إضافة شعبة صفية يبلغ 200 دينار للمدارس ورياض الأطفال بعد أن كان 25 دينارا في النظام الحالي.
وبينت المسودة أيضا أن رسوم إضافة مرحلة تعليمية أو جزء منها في المدارس يبلغ 1000 دينار للمدارس و200 دينار في رياض الأطفال.
ووفق المسودة ارتفعت رسوم اعتماد برنامج تعليمي أجنبي لأول مرة إلى 5 آلاف دينار بعد أن كانت 2000 دينار في النظام الحالي، كما تمت زيادة رسم استمرارية اعتماد البرنامج الأجنبي كل عام دراسي في المسودة ليبلغ ألفي دينار بدلا من ألف دينار.