محمد حمدان دقلو، المقلب بـ"حميدتي"، ولد عام 1975 في دارفور، واشتهر في شبابه بالمتاجرة بالإبل والأغنام، وبقي يتنقل بين تشاد وليبيا ومصر.
كوّن مليشيا بدأ معها تأمين القوافل وردع قطاع الطرق، وتطورت حتى أصبحت قوة كبيرة لفتت أنظار الحكومة السودانية التي طمعت بضمها لمساندة مليشيا الجنجويد من أجل قمع تمرد الحركات المسلحة في إقليم دارفور غربي البلاد، وهكذا كانت تلك المليشيا بوابته نحو الدخول في معترك السياسة حتى صار نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بعيد الانقلاب على عمر البشير الذي عينه وأدخله الجيش.
الولادة والنشأة
ولد محمد حمدان دقلو عام 1975 في ولاية شمال دارفور، ويعود أصله إلى فخذ المحاميد من قبيلة الرزيقات الهلالية البدوية العربية التي لها عمق شعبي كبير في دارفور وكردفان وتشاد وعدد من دول أفريقيا. تلقى تعليمه في الكتاتيب التقليدية، لكنه انقطع عن التعليم منذ عام 1991، وكان وقتئذ في عمر الـ15.
وفي منتصف التسعينيات أصبح حيمدتي شابا معروفا في الممرات والطرق التجارية، فنشط في تجارة الإبل والأغنام واستيراد القماش، خاصة بين ليبيا ومالي وتشاد، وقاد مجموعة صغيرة لتأمين القوافل وردع قطاع الطرق واللصوص في مناطق سيطرة قبيلته.
وبين دارفور وتشاد وليبيا ومصر تنقل حميدتي بائعا للإبل وحاميا للقوافل إلى أن كوّن ثروة كبيرة، وشكل مليشيا لفتت انتباه السياسيين السودانيين لرغبتهم في ضم القبائل لتحالفها مع الجنجويد من أجل مواجهة التمرد في دارفور، ومكنته مليشياه لاحقا من التأثير في الشأن السياسي السوداني.
التجربة السياسية
ومع اندلاع صراع دارفور عام 2003، استقطبت مليشيا حميدتي عناصر من الجنجويد وبدأ يلفت نظر صناع القرار في الخرطوم، وما لبث أن بدأ باستقطاب أبناء القبائل المختلفة، حتى شكّلت قوات شعبية قومية تحت اسم "وحدات استخبارات الحدود" وعين حميدتي عليها.
في عام 2007 عين حميدتي عميدا، وضمت قواته إلى جهاز المخابرات السوداني، ثم في عام 2013 أعاد هيكلتها الرئيس المخلوع عمر البشير وسماها "قوة الدعم السريع"، وجعلها كيانا رسميا شبه عسكري بقيادة حميدتي الذي منحه البشير صلاحيات وامتيازات كبيرة أثارت غيرة وحفيظة كبار الضباط، وجعل البشير القوة تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية في عهده خلال الحرب في دارفور.
زادت ثروة حميدتي في تلك الفترة، ورافقتها زيادة نفوذه وقواته، حتى استولى على مواقع تعدين الذهب الرئيسة في منطقة دارفور، وبحلول عام 2017 شكلت مبيعات الذهب في البلاد 40% من الصادرات.
وفي عام 2015 استطاع حميدتي تطوير علاقاته الخارجية، إذ أرسل وحدات الدعم السريع إلى اليمن بعد انضمام السودان إلى تحالف مع السعودية لمحاربة الحوثيين.
ووفق إحصائيات غير رسمية، بلغ تعداد قوة الدعم السريع عام 2019 نحو 40 ألف عنصر معظمهم من القبائل السودانية من الغرب والشرق، ودججها البشير بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة مثل البنادق والمدافع الصغيرة وسيارات الدفع الرباعي. وتقول تقارير إنها أصبحت حاليا نحو 100 ألف مسلح، مزودين بعربات رباعية الدفع مسلحة وسريعة الحركة.
وتقول بعض التقارير إن سيطرة حميدتي وقواته على مناجم الذهب في السودان، في جبل عامر خصوصا، بعد الإطاحة بزعيم مليشيا الجنجويد السابق موسى هلال، أكسبت حميدتي استقلالا ماليا وقوة خارج سيطرة أجهزة الجيش، فاقمتها بعض أيادي الدعم الخارجي كما يقول خصومه.
حاول عمر البشير تعزيز نفوذ "قوة الدعم السريع" وجعلها مركز قوة موازية للجيش، تفاديا لأي انقلاب عسكري. وواصل حميدتي صعوده اللافت في دوائر الحكم السوداني، وحصل على ترقيات عسكرية استثنائية رفعته إلى رُتبة لواء ثم إلى رتبة فريق، من دون أن تُفلح ضغوط القادة العسكريين في الإطاحة به بعدما تنامى عداء الجيش له.
وفي يناير/كانون الثاني 2017 أقرت الحكومة قانون "الدعم السريع" ونقلت تبعية "القوة" من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة، رغم أن معظم منتسبيها ليسوا عسكريين.