يخرج الإنسان من بيته ولا يدري إن كان سيعود له حياً أم ميتاً أم مصاباً بعاهة مؤقتة أم مستديمة. والسبب في ذلك هو مجازر السير المتكررة والمتزايدة والمتسببة يومياً في مآس وآلام للكثير من الأسر والعائلات.
لقد أصبحت شوارعنا ميادين لمجازر السير، وكأننا في صراع من أنفسنا ومع غيرنا. أهي النفسية التي تنعكس إلى أداء سياقتنا للمركبات؟ أم عدم تقيّدنا بتعليمات السير وقوانينه وأنظمته؟ أم إهمالنا للتقيد بوسائل السلامة العامة والإنشغال بما يلهينا عن التركيز على الطريق كإستخدام الموبايل وتصفح المواقع الإلكترونية أو وسائل التواصل الإجتماعي أو أمور أخرى.
أنا شخصياً مع تغليظ العقوبات فيما يتعلق بموضوع السير، خصوصاً تلك المتعلقة بتعريض حياة الآخرين للخطر، فحياة الناس ليست عرضة للمقامرة وليست مستباحة لمن تسوّل له نفسه العبث بسلامته وسلامة مستخدمي الطريق من مشاة وسائقين. وحياتنا وحياة أسرنا يجب أن تكون مصانة وغير معرضة لأخطار يمكن تجنّبها أثناء الخروج من البيت. فعندما نقرأ عن أضرار الحوداث نصاب بالصعقة الكبيرة، خصوصاً أن ضحايا السير في الأردن وصلَ في العام الماضي 2022 إلى 562 وفاة وعدد الإصابات فاقت الستة عشر ألفا، والخسائر المادية وصلت إلى 322 مليون دينار أردني، مما يشكل خسارة فادحة وهباء منثوراوإزهاق أرواح بريئة.
إن هذا الوضع المأساوي يدعونا لأن نخاطب الناس إبتداء من الجانب الديني والروحي بأهمية وقدسية النفس البشرية التي حرم الله قتلها، وإلى الإرتقاء إلى المسؤولية الكبرى تجاه عدم التسبب بالأذى للآخرين. فما بالنا عندما نحرق قلوب الأحبة على ضحايا السير ونتسبب في خراب ودمار الكثير من العائلات؟ فالمسؤولية تقتضي أن نحرصَ على سلامة الآخرين كما نحرصُ على سلامتنا، وتقتضي أيضاً التقيّد بأنظمة وقوانين السير وقدسيتها في الحفاظ على النفوس البشرية وعلى الممتلكات العامة.
إضافة إلى ذلك لا بدّ من شنِّ حملةٍ توعوية تربوية إعلامية شاملة في كل المؤسسات التعليمية وعبر وسائل الإعلام المختلفة، وزرع واجب التقيّد بقانون السير ليس خوفاً منه أو تجنباً للمخالفات، بل إحتراماً لقدسيته في صون النفس البشرية من جراء التهور والإستهتار، وإحترام الفرد لذاته وحرصاً على السلامة العامة.