يعتبر الشيخ سامي مثقال الفايز رحمه الله من أشهر شيوخ وشخصيات الوطن والبادية الاردنية و قضاتها العشائريين, و صاحب المواقف الوطنية والأيادي البيضاء كما كان يتولى القضاء في قبيلة بني صخر وكان كريما جوادا شجاعا متحدثا لبقا ؛ كان يسعى نحو عمل الخير وإغاثة الملهوف بالإضافة انتماءه لوطنه وولائه لقيادته الهاشمية.
فقيدها الكبير شيخ مشايخ قبيلة بني صخر الشيخ سامي مثقال الفايز نستعرض مناقب الراحل الفايز، إن المرحوم رجل من رجالات العشائر الأردنية، فقد تحدر من بيت عز في قبيلة بني صخر وتعلم اصول القضاء العشائري وأصبح عمودها وكان يمضي وقته بإصلاح ذات البين.
كان رحمه الله شيخاً لمشايخ قبيلة بني صخر تجلله هيبة السيادة البدوية بلا تكبر والزعامة العشائرية بلا تجبر.
وضع والده مثقال فيه سرّه وقد كان يرافقه حيث كان يحل زعيم بني صخر «راعي البلها» ولما مات مثقال الذي تخطى ذكره وأثره أم العمد وشرق الأردن وفلسطين إلى مصر وسوريا ومناطق أخرى برز نجم ابنه سامي الذي قال فيه الشاعر:
مثقال ذكرك في الكرم ما مات....ما دام سامي رافع الرايات في يوم مولده كان «شق» مثقال الفايز قد استقبل (12) من ثوار فلسطين الهاربين من الإنجليز فأكرم مثقال وفادتهم وترك منزله يؤمنهم إلى الشام التي كانت تحت سيطرة الفرنسيين ويعود في اليوم التالي..
كانت علاقته مميزة مع شقيقه المرحوم معالي عاكف الفايز وكان موقع احترام كبير من أشقائه الذين يصغرونه والذين كانوا ينظرون إليه نظرة تقدير خاصة كما لو كان والدهم..
رأى والده كيف يعمل في الصلح وفي رد الغارة وفي إغاثة الملهوف وفي تحشيد بني صخر وظل سامي يؤكد في سنواته الأخيرة أنه لا يقبل في الوطن وجهة نظر حين يحاول البعض الإرتجال والاجتهاد فيأتي صوته حاسماً أن الوطن لا يحتمل الاجتهاد والارتجال ووجهات النظر فهو فوق ذلك كله..وتلك كانت مهمته حين كان يتحدث للشباب في أم العمد وخارجها الذين كانوا يقصدونه في اختلاط الأمور عليهم..
كان في مطلع شبابه يرافق والده إلى مقر الأمير عبد الله بن الحسين ويجالس معه حاشية الأمير ويستمع لنقاشاتهم وكان والده يأخذه معه إلى القدس التي ظل يحمل منها ذكريات طفولية ما زال يحدث فيها من يجالسه.
ففي الوقت الذي انصرف فيه الأخ الأكبر المرحوم عاكف الفايز إلى العمل العام في الحكومة ومجلس النواب ليمثل بني صخر والفايز تحديداً ظل سامي شيخاً في العشيرة إلى أن دخل مجلس الأعيان لمرتين أولاهما في 1993 وثانيهما في عام 1998..
في الأعيان كان قليل الكلام..صاحب مبادرات وكان يرى أن الوطنية لا تحتاج إلى شعارات وأن الدفاع عن الوطن يبدأ من خلال الحفاظ على سمعته والحرص على مصالحه الوطنية..
كان الشيخ المرحوم سامي الفايز صاحب حضور نافذ وكانت شخصيته تشيع الراحة في ضيوفه وزواره..كان حازماً حيث يكون الحزم ومتسامحاً حين يكون التسامح قدرة ومروءة..
وكان ابن أخيه دولة فيصل الفايز يرى فيه أنه بمثابة والده يراجع في القرارات الهامة ويستمع لنصائحه حتى حين كان رئيساً للوزراء فقد كانت عباءة سامي الفايز تحتوي كل الفايز وتمتد بالاحترام إلى كل بني صخر الذين كانوا يقرون بزعامته ومشيخته ويرون في كرمه ونخوته أوراق اعتماده لديهم..
كان يحذر من تحول المجتمع الأردني وخاصة مجتمعات البادية إلى مجتمعات استهلاكية سريعة العطب، ويرى ضرورة أن يحافظ الأردن على أرضه وتقاليده وزراعته وتربية مواشيه وأن لا تأخذه أسباب الحضارة بعيداً عن جذوره وتربيته ..
احتفظ الشيخ المرحوم سامي الفايز من موقعه كشيخ مشايخ بني صخر بعلاقات مميزة مع شيوخ قبائل عربية عديدة كانوا يزورونه ويزورهم وظل يرى أن الملكية في الأردن جامعة وأن الخروج عليها أو المس بها هو إضاعة للهوية وضرب الوحدة الوطنية ..كان يقول كلماته ببساطة بعيداً عن التنظير ومن خلال نفس وطني عميق بعيداً عن التزلف أو المحاباة أو محاولة كسب هذا الطرف أو ذاك...
نتطلع على رؤية أردنية صافية في التركيبة الاجتماعية الأردنية التي ظلت تحتفظ بولاء لا تشوبه شائبة وكان شقيقه طراد الفايز يقول : «إذا أردت أن تعرف الحقائق فاستمع لأخي سامي فهو يعطيك اتجاه البوصلة»..
الراحل سامي الفايز ترك من الأولاد محمد وحابس وهايل وتركي وفواز وعلي وهم يحملون اسمه وقد أبروّا به وظلّوا له سنداً وظل لهم معلماً..وحين رحل زحف الكثيرون في المملكة ومن عمان لوداعه في الدفن والعزاء فقد كان فارساً من الفرسان القلة الذين ما زال التراب لم يستقبلهم وقد عزّ نظيرهم..في زمن أحوج ما ننشد فيه «وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر» حين نودع علماً من أعلامنا وشخصية محبة من أبناء الوطن…
ولا ننسى انه هو المرجع الأصيل للقضاء العشائري وهو من دعا الى تثبيته وثباته ليبقى مناراً ودستوراً عشائرياً تحتذي به كل العشائر في كل المجالات.
ولاننسى أيضاً محاربته من اجل الوطن والقيادة الهاشميه في شتى المجالات والأزمات، وكانت دائماً مواقفه مشرفة ومن قلب صادق ولا يساوم على امن الوطن وولائه للعرش الهاشمي.
وكانت اخر وصاياه الا نتخلى عن حماية وطننا من شراذم الغدر والأجندات وان نكون دائماً وابداً خلف قيادتنا الهاشميه قبل ان يرحل عنا ويودعنا.
وفي هذا اليوم ونحن نستذكر ذكرى رحيلك للعام الثاني عشر وكأنك حي بيننا فسيرتك العطرة لا زالت وستبقى دائماً تفوح بالعطر في كل مجلس ومكان ونبقى دوما كما اردت لنا ان نكون مخلصين للوطن ولقيادته الهاشميه وعلى رأسهم جلالة سيدنا وقائدنا الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم وولي عهده الامين .