تحت عنوان أوقفوا العدوان دعت غرفة تجارة الأردن في بيان لها القطاع التجاري والخدمي في المملكة للتوقف عن العمل لمدة ساعتين يوم غد " الثلاثاء " من الساعة الثانية عشر ظهراً ولغاية الساعة الثانية ، وذلك دعماً لجهود الملك عبدالله الثاني الرامية إلى وقف المجازر وحرب الإبادة التي تطال الأطفال والنساء والشيوخ وكل مرافق الحياة الإنسانية ، وأيضاً حداداً على أرواح شهداء قطاع غزة الذين قضوا نتيجة العدوان الصهيوني الغاشم ، وكما دعت الغرفة القطاع التجاري والخدمي بعموم المملكة تخصيص جزء من مبيعات باقي يوم الثلاثاء لدعم صمود الأهل في غزة ، وقد سبق وأن أعلنت الغرفة قبل أيام عن تبرع بقيمة 500 الف دينار لنفس الغاية والهدف .
من باب بيان الأمر النقدي الهادف إلى تبيان الفعل المطلوب تجاه ما يجري في غزة في هذه المرحلة المفصلية من صراع الوجود مع العدو الصهيوني ، وبنفس السياق عدم التقليل من إجتهاد رئيس ومجلس إدارة الغرفة في التعبير عن مشاعرهم الصادقة تجاه ما يحدث ، كان المأمول منهم تجنب مطالبة القطاع التجاري إغلاق المحال التجارية في هذه الفترة لأن هذا الفعل عادة ما يكون رساله للداخل !!! ، وما هي الرسالة والغاية والهدف من هذا الإجراء والشعب الأردني بكافة أطيافه ضد ما يحدث من مجازر بشعه للأهل في غزة .
هذا الفعل الإستنكاري في الإطار الإحتجاجي السلمي يكون مجدي و مبرر ، عندما يتعلق الأمر بمطالبة الحكومة أو أية جهة ذات اختصاص بحل لقضية ما أو الضغط عليها في أمر يُحدث ضرراً أو عندما لا يكون هناك إستجابة رغم لفت النظر .
كيف يستقيم التعبير عن ما يجول في نفوس الناس من عواطف جياشة ، وما يتبعها من حزن وألم لما يحصل للأهل في قطاع غزة والضفة الغربية من عدوان نازي همجي ، ويقابل من مؤسسة وطنية عريقة بالدعوة إلى إيقاف العمل بدلاً من الدعوة إلى مزيد من العمل والمثابرة في خلق فرص إبداع لتعزيز الإنتاج وتأمين إستدامة حيوية لمداخيل الإقتصاد الأردني ، لأن جزء من الصراع مع العدو الصهيوني هو حرب إقتصادية ، وكان من المناسب أن تبقى المحال التجارية تعمل وان يحتسب أصحاب المحال والمؤسسات التجارية كافة الإيرادات لدعم أهالي غزة أو أهالي الشهداء وكان من الأنسب أيضاً دعوة المواطنين للإقبال على الشراء في تلك الفترة لرفع الإيرادات .
كيف يستقيم الأمر بتبرير الغرفة عن موجبات الدعوة إلى وقف العمل تحت بند مساندة الموقف الأردني ، وهل إيقاف عجلة الإقتصاد يدعم الجهود الرسمية لوقف العدوان الصهيوني على غزة ؟ علماً أن الدولة الأردنية لم تتدخر جهداً في كل المحافل الدولية والإقليمية لوقف هذا العدوان الجائر ، ولا نغالي أو نتحيز إن قلنا أن الأردن شعب وحكومة وقيادة الصوت الأبرز عربياً في المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني ، والأردن كان وسيبقى السند والعضد القوي للأشقاء الفلسطينيين ، وحجر الزاوية والركيزة الأساسية في تثبيت الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر .
إيقاف العمل وإغلاق المحال التجارية مهما كانت المدة الزمنية هو إجراء عقابي للتاجر والمواطن والدوله بكافة أجهزتها ، ولا يتوافق مع الهدف السامي الذي سعت له الغرفة من وراء هذه المناشدة ، وكان بالإمكان التفكير خارج الصندوق كأن تقوم الغرفة بمراسلة جميع غرف التجارة وغرف الصناعة والزراعة في جميع دول العالم وإطلاعهم على حقيقة ما يجري على أرض فلسطين ، وما يقوم به الكيان الصهيوني من قتل وتشريد للشعب الفلسطيني ، والطلب منهم مقاطعة هذا الكيان وعدم التعامل معه ومساندة القضية الفلسطينية .
وأيضاً كان من الممكن لغرفة تجارة الأردن وعبر جميع الغرف التجارية في كافة المحافظات الطلب من منتسبيها وخصوصاً ممن يتعاملون بالاستيراد والتصدير توضيح ما يجري في غزة الآن لعملاهم في الخارج ، والطلب منهم الدعم والمؤازرة ، وبالتأكيد هنالك أفكار كثيرة قد يجود بها البعض .
قد نختلف في الإجتهاد حول أساليب الدعم والتعبير عن مشاعرنا تجاه ما يحصل في غزة ، وعن كيفية إدارة الصراع مع العدو الصهيوني وكيفية دعم ثبات الأشقاء على أرضهم ورفع الظلم والاحتلال عن كاهلهم ، إلا أننا مع أي جهد غايته نبيلة ومقصدة خير .