كانت عمليات التهريب في المناطق الحدودية تركز في السابق على الدخان وبعض المواد التموينية والمواشي، وكانت تنطوي على عمليات بسيطة. ومع اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، شهدت هذه العمليات تطورًا وتغيّرًا جذريًا حيث أصبح التهريب يتركز بشكل رئيسي على المخدرات، بما في ذلك حبوب الكبتاجون والكريستال والحشيش، وزادت حدة هذه الظاهرة في السنوات الثلاث الأخيرة.
وما يميز هذا التحول هو زيادة الكميات المهربة واستخدام وسائل أكثر تطورًا وخطورة, باتت المحاولات لتهريب ملايين الحبوب مدعمة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب استخدام بعض أنواع المتفجرات بهدف إدخال المخدرات ومواجهة قوات حرس الحدود بالقوة. يظهر هذا التحول كتطور خطير في نفوذ شبكات التهريب وتعقيد الأوضاع التي تواجهها قوات حرس الحدود و محاولة لمكافحة هذه الجريمة المنظمة والخطيرة
شهدت عمليات التهريب في المناطق الحدودية تطورًا خطيرًا يتضح في استخدام الطائرات المسيرة والسيارات المفخخة والمصفحة، إضافة إلى تبني وسائل الاتصال المتطورة. يشير هذا التطور إلى دور قوى رسمية ومنظمة تقف وراء عصابات التهريب وتدعمها بتوفير التكنولوجيا والأسلحة المتطورة. يظهر أن للميليشيات التهريبية تأثيراً ونفوذًا داخل المناطق الحدودية، حيث يتم تنظيم عمليات التهريب بشكل يدعمها القوة والتكتيكات المتقدمة.
أما داخل الحدود الاردنية، يتورط التجار المحليون في هذا النشاط ضمن مخططات تستخدم القوة ضد قوات حرس الحدود بهدف تسهيل عمليات إدخال المخدرات. يتم تسخير هؤلاء التجار للقوة والتكتيكات العنيفة لتحقيق أهدافهم، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الجهود الأمنية.
يتزامن هذا التحول مع وجود حواضن شعبية للمهربين، وتعقيدات الجغرافيا وظروف الطقس في فصل الشتاء، وطول الحدود، وتعدد العصابات المسلحة على الواجهة الشمالية. يُظهر تزايد حجم تجارة المخدرات في سوريا، التي بلغت أكثر من 56 مليار دولار في عام 2023، الجهود المتزايدة لتجاوز الأمان الوطني وخلق تهديدات جديدة.
وفقًا لإحصائيات مديرية الأمن العام، ارتفعت جرائم المخدرات في الأردن إلى 150411 جريمة خلال الفترة من عام 2013 إلى عام 2022، مما يبرز التحديات الكبيرة التي تواجه السلطات في مكافحة هذا الاتجاه المتزايد.
يعيش الأردن اليوم على واجهة تحديات خطيرة تتمثل في تزايد كميات المخدرات المهربة، حيث أن تشكل الكميات الكبيرة من المخدرات تحديًا خطيرًا للأمن الوطني. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تظهر القوات المسلحة الاردنية وقوات حرس الحدود بموقف حازم ومنظم، حيث يقفون على أهبة الاستعداد للتصدي لأي محاولة للمساس بأمن البلاد وتهديد حدودها.
رغم أن القوات المسلحة ينبغي لها أداء واجبات أخرى هامة، فإنها تبذل جهودًا جبارة في التصدي لتداول المخدرات والأسلحة عبر الحدود. وقد شهدت العمليات الأخيرة المتكررة نجاحًا في القبض على عدد من المهربين، حيث تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات وبعض الأسلحة. تأتي هذه العمليات كجزء من استراتيجية تستند إلى معلومات استخباراتية حيوية حول أماكن نشاط تجار المخدرات في الداخل.
تهدف هذه العمليات إلى حماية أمان الأردن وحدوده، وضمان سلامة مواطنيه. وتعكس تصدي القوات المسلحة الاردنية رسالة واثقة للمواطنين، تبرز قوة الدولة وقدرتها على تطبيق القانون وصون الاستقرار. يُبرز الرد الحازم على التحديات الأمنية الحالية استعداد الأردن لحماية مجتمعه من تداول المخدرات وتصدي للأوكار التي تشكل تهديدًا للأمن الوطني.
القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في الأردن تعمل بفعالية وتصميم لمواجهة التحديات الإرهابية ومكافحة تهريب المخدرات والأسلحة. ومن المتوقع أن تستمر في مواجهة هذا الخطر الكبير بشكل دائم، حيث يتطلب ذلك جهودًا مستمرة لحفظ أمن واستقرار البلاد. التحديات الأمنية قد تظل قائمة لفترة طويلة، والجهات الأمنية ستظل على حالة تأهب وتحسين تكتيكاتها وتقنياتها للتصدي للتهديدات.
إذا دخلت كميات هائلة من المخدرات والأسلحة إلى الأردن، فإن هذا سيكون تحديًا كبيرًا للأمان الوطني والاستقرار الاجتماعي.
يمكن أن يؤدي انتشار المخدرات إلى تأثير سلبي هائل على المجتمع، من خلال ارتفاع معدلات الإدمان وزيادة جرائم العنف المرتبطة بالمخدرات
في مواجهة هذا التحدي، يجب وضع استراتيجية وطنية شاملة تركز على عدة نقاط، منها :
- تحسين أمان الحدود: تعزيز الرقابة والمراقبة على الحدود لمنع تسلل المخدرات والأسلحة
- تعزيز التعاون الإقليمي: التعاون مع الدول الجارة لتبادل المعلومات وتعزيز التنسيق في مكافحة الجريمة المنظمة
- تطوير القدرات التكنولوجية: الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة لمراقبة الحدود وتحليل المعلومات الاستخبارية
- التوعية والعلاج: تعزيز الحملات التوعية حول مخاطر المخدرات وتوفير برامج للتوعية والعلاج للأفراد المتأثرين
- تشديد العقوبات: زيادة الرقابة وتشديد العقوبات على المتورطين في تهريب المخدرات والأسلحة
إن تنفيذ استراتيجية مثل هذه يتطلب تعاوناً وتكاملاً فعّالًا بين كل مؤسسات الدولة والقطاعات المختلفة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة في مواجهة التهديدات الكبيرة
الخيارات المقترحة تعكس استراتيجية شاملة لمواجهة تحديات انتشار المخدرات وتهديدات الأمان في الأردن.
- التعاون مع الجانب السوري: يعكس طلب التعاون مع الجانب السوري حول تعزيز الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة إرادة الأردن في تحقيق أمن الحدود. ومع ذلك، قد يتطلب ذلك مستويات عالية من الدبلوماسية والتفاوض
- التعامل بحزم مع التهديدات: يظهر استمرار التعامل بحزم مع التهديدات الداخلية والخارجية التصميم على حماية الأمان الوطني، وهو خطوة ضرورية لمواجهة التحديات الأمنية
- توعية الجمهور: إعطاء الأولوية للتوعية حول مخاطر التجارة والتعاطي بالمخدرات وتشديد الرقابة على المروجين يعزز الوعي ويقلل من انتشار الإدمان
- معالجة أسباب الجريمة: معالجة جذور مشكلة الفقر والبطالة في المناطق الحدودية يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية ويقلل من الجريمة
- تشديد العقوبات: إعادة النظر في التشريعات وتشديد العقوبات تعكس استعداد الدولة للتعامل بحزم مع جرائم المخدرات
- تشجيع على الإبلاغ: تقديم حوافز للمواطنين الذين يقدمون معلومات حول تجار المخدرات يسهم في تعزيز التعاون المجتمعي
- دعم القوات الأمنية: يجسد دعم القوات الأمنية والقوات المسلحة من خلال التسليح والتدريب والمرتبات الجهد الوطني في مواجهة التحديات الأمنية
- تعزيز الأمان التقني: إنشاء حواجز إلكترونية على الحدود يعزز الرقابة ويسهم في منع التهريب
- إعادة النظر في التفكير بإقامة منطقة عازلة: يجب مراجعة الخيارات بعناية لضمان فعالية وأثر إيجابي دون إحداث تداول سلبي محتمل
- التعامل مع الطابور الخامس: يعكس تشديد التعامل مع الطابور الخامس الحاجة إلى حماية الأمان الداخلي والتصدي لأي تهديد داخلي
- تعزيز دور الإعلام الإيجابي: يمكن أن يلعب الإعلام دورًا حيويًا في نقل رسالة قوية حول مخاطر المخدرات والتصدي لتهديدات الأمان هذه الخيارات تتطلب تنفيذ متكامل وتعاون وطني لضمان نجاح الاستراتيجية وتحقيق أهدافها