تستوقفك آثار نتل العتيقة والتي تشهد على عظمة الإنسان الذي عاش فوق روابيها ، ولا تزال أنشودة أهلها معلقة على أسوارها.
كما أنها تؤكد على قوة إرادة من سكنها من الذين تركوا بصمات خالدة في قلب التاريخ الأردني ، وغرسوا مشاهد العراقة والكرامة والآباء ، وينتسب ساكنوها إلى قبيلة بني صخر التي تشكل ركنا أساسيا من أركان الوطن في البناء والتضحية والوفاء الأسطوري.
إذا مررت بقرية نتل تمهل بمشيك واقصر خطواتك فإنها آثارها تناديك لتروي حكاية الأجداد الذين لا تزال آثارهم خالدة في وجدان الوطن الأردني ، وأن غفلت دائرة الآثار عن اعادة ترميمها ، إلا أن قلاعها المعمارية وقصورها لا تزال صامدة في وجه تقلبات الزمن وظروف الطبيعية.
نتل قرية أردنية تبعد عن مأدبا 10 كم باتجاه الشرق ، ضمت الى أمانة عمان والحقت بلواء الجيزة ،وكل من مر بها توقفه شواهدها ليقرأ في دفاترها " يا قارئ خطي لا تبكي على موتي ، فاليوم أنا معك وغدا في التراب ، فان عشت فاني معك وإن مت فالذكرى ، ويا مارا على منازلي لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغدا أنت معي ، ويخرج من أعماقك صوت ينادي الديار " يا دار العز ما ني ناسيك يا حلوة دورتك لاجاك شيوخك الشم في علياك ناشدتك بالنبي يا دار وين راعيك ... يا حسرتي صار تحت الثرى وبقت علاليك "
كما أن نتل لها قصة غريبة في احتفائها بزوارها حيث انه لا بد أن تعشقها وتعشقك ... يناديك الأجداد من قلب الماضي تستقبلك بيوتهم العتيقة التي رسمت لوحة الأصالة والمجد والفخار ، وتسمع أصواتهم القادمة مع هبوب الريح من خلف ستار الزمن ، مرحبة بك ، وتلفك في حضنها الدافئ بحنان الأم لوليدها.
كما أن آثار نتل ستبقى تقص علينا من دفاتر الأجداد قصص المجد والعز والكبرياء التي سطرت على ارض هذا الوطن ، ولا تزال مستودعاتهم ، ومرابط خيلهم شاهد على صولاتهم، وجولاتهم ، وغزواتهم ضد كل حاقد او معادي.
نتل مدينة الآباء والشهامة، يتسلم الأبناء رايات الطهر، والكبرياء، بطقوس الفرح ،التي ما زالت إلى يومنا هذا ، وكأنك لا تزال تسمع زغاريد الصبايا والهيجنة الأردنية ،والدحية في ليال السمر والفرح والنصر في ساحاتها الرحبة ، وتسمع صوت البارود لطلائع الثورة العربية الكبرى.
نتل أنشودة الفرح والمجد، تعكس بيوتها جدلية العلاقة الأزلية بين أرضها الطهور وإنسانها المنغرس حبا في أعماقها، وتعكس صور التكوين الاجتماعي للإنسان المعمر والخليفة على الأرض.
وها هي آثارها وبيوتها وقصورها تروي قصة الأولين، الذين ما برحوا المكان، ولا تزال أزقتها وحاراتها تمثل طقوس الفرح والأصالة الأردنية، والماثلة منذ آلاف السنين . ولا يزال أبناء نتل ينتظرون أن يعاد بناء هذه القرية الأثرية الأردنية، لتبقى لوحة العراقة والآباء الأردني تعانق الأصالة المعاصرة في خارطة الوطن الأزلية. الرأى.