ما فتئ المشروب الأسمر يلقي بسحره على مرتشفيه، ويأخذ بألبابهم، لما يضفيه عليهم من نشوة وانتعاش، وعلى أبدانهم من صحة وعافية. فقد كشفت دراسة حديثة فوائد جمة للقهوة لمن عانوا من أمراض السرطان.
ووفق الدراسة التي نقلتها صحيفة "الغارديان"، فإن من عانوا من سرطان الأمعاء، ويشربون من فنجانين إلى أربعة فناجين من القهوة يوميا، أقل عرضة لعودة المرض إليهم.
أقل عرضة للوفاة
كما خلصت الدراسة إلى أن الأشخاص المصابين بالمرض، ويستهلكون هذه الكمية هم أيضًا أقل عرضة للوفاة لأي سبب، ما يشير إلى أن القهوة تساعد على شفاء أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بثاني أكبر سرطان قاتل في المملكة المتحدة.
وكشف الخبراء أن النتائج "واعدة"، متوقعين أنه إذا خرجت دراسات أخرى بذات النتائج، فسيتم تشجيع 43 ألف بريطاني يتم تشخيص إصابتهم بسرطان الأمعاء سنوياً على شرب القهوة. علما بأن سرطان الأمعاء يودي بحياة نحو 16500 شخص سنوياً في بريطانيا، بمعدل 45 شخصًا يوميًّا.
ووصلت دراسة أُجريت على 1719 مريضًا بسرطان الأمعاء في هولندا، قام بها باحثون هولنديون وبريطانيون، إلى أن من شربوا كوبين على الأقل من القهوة لديهم خطر أقل لتكرار المرض. حيث كان التأثير يعتمد على الجرعة، وأن من شربوا كمية أكبر شهدوا انخفاضًا أقوى بالمخاطر.
وكان المرضى الذين تناولوا خمسة أكواب على الأقل يوميًا أقل عرضة بنسبة 32% من أولئك الذين شربوا أقل من كوبين لتكرار الإصابة بسرطان الأمعاء، حسب الدراسة التي موّلها الصندوق العالمي لأبحاث السرطان (WCRF)، ونُشرت في المجلة الدولية للسرطان.
ويبدو أيضًا أن المستويات الأعلى من استهلاك القهوة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بفرص الشخص في البقاء على قيد الحياة.
وكان أولئك الذين شربوا كوبين على الأقل يوميًا أقل عرضة للوفاة مقارنة بأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وكما هو الحال مع خطر التكرار، فإن أولئك الذين تناولوا خمسة أكواب على الأقل شهدوا انخفاضًا باحتمالات وفاتهم بنسبة 29%.
من جهتها قالت رئيسة فريق البحث، الدكتورة إلين كامبمان، أستاذة التغذية والأمراض بجامعة فاجينينجن بهولندا، إن المرض يعود لدى واحد من كل 5 أشخاص، وقد يكون قاتلًا.
وأضافت أنه "من المثير للاهتمام أن هذه الدراسة تشير إلى أن شرب من ثلاثة إلى أربعة فناجين من القهوة قد يقلّل من تكرار الإصابة بسرطان الأمعاء"، إلا أنها أكدت أن الفريق وجد علاقة قوية بين الاستهلاك المنتظم للقهوة والمرض، وليست هناك علاقة سببية بينهما.
وأعربت عن أملها بأن تكون النتائج حقيقية؛ لأنها تبدو وكأنها تعتمد على الجرعة، فكلما زاد شرب القهوة، زاد التأثير.
من جهته أكد البروفيسور، مارك جونتر، المؤلف المشارك للدراسة، ورئيس قسم علم الأوبئة والوقاية من السرطان في كلية الصحة العامة في إمبريال كوليدج لندن، "أن النتائج محفزة للغاية؛ لأننا لا نفهم حقاً سبب وجود مثل هذا التأثير للقهوة لدى مرضى سرطان الأمعاء".
وقال: "لكنها واعدة؛ لأنها قد تشير إلى طريقة لتحسين التشخيص والبقاء على قيد الحياة بين مرضى سرطان الأمعاء"، لافتاً إلى أن "القهوة تحتوي على مئات المركّبات النشطة بيولوجيًّا، والتي لها خصائص مضادّة للأكسدة، وقد تكون وقائية ضد سرطان الأمعاء".
وكشف أن "القهوة تقلل أيضاً من الالتهابات ومستويات الأنسولين، التي تم ربطها بتطور سرطان الأمعاء، وقد تكون لها تأثيرات مفيدة محتملة على ميكروبيوم الأمعاء".
وأردف البروفيسور، مارك جونتر: "مع ذلك، نحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث للتعمّق أكثر في الأسباب العلميّة التي تجعل للقهوة مثل هذا التأثير على تشخيص سرطان الأمعاء والبقاء على قيد الحياة".
وتعد هذه الدراسة الأحدث التي تُظهر فوائد القهوة في تقليل خطر الإصابة بالسرطان، وهناك أدلة قوية على أنها تقلل أيضا من خطر الإصابة بسرطان الكبد والرحم، ولها التأثير نفسه بالنسبة لسرطان الفم والبلعوم والحنجرة والجلد.