وسط الانتقادات الحادة لسلوك الشرطة الأمريكية تجاه الاحتجاجات الجامعية، والتساؤلات حول قانونية تلك الإجراءات، كان مجلس النواب الأمريكي يمرر مشروع قانون "التوعية بمعاداة السامية"، وهي إحدى الاتهامات الموجهة إلى الطلاب المحتجين على حرب غزة.
القانون الذي وصفه نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأنه ينتهك حرية التعبير، يتضمن تعريفًا لـ"معاداة السامية"، وبما يتضمن أي إشارة إلى "حرمان الشعب اليهودي من حقه في تقرير المصير من خلال الادعاء بأن دولة إسرائيل دولة عنصرية وعقد مقارنات بين السياسة الإسرائيلية المعاصرة وسياسة النازيين".
"معاداة السامية"
التشريع الجديد الذي مازال بحاجة إلى إقراره من مجلس الشيوخ، سيشكل إطارًا "قانونيًّا" لأي تحرك للشرطة كالذي تشهده الجامعات منذ نحو أسبوعين، وهي تحركات قوبلت بانتقادات شديدة، وأعادت إلى الأذهان سلوكًا عنيفًا للشرطة الأمريكية واجهت فيه احتجاجات طلابية منذ أواسط القرن الماضي.
منتقدو الشرطة يقولون إنها شكلت خرقًا للدستور الأمريكي الذي يحمي حرية التعبير مهما كان محتواها جدليًّا، كما أنه يحظر على الكونغرس أن يصدر أي نص يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق التجمع السلمي.
ورغم أن الدستور الأمريكي يمنع اعتقال أي شخص بسبب التعبير عن الرأي، فقد تجاوز عدد الذين اعتقلتهم الشرطة الأمريكية 1400 طالب، بينهم أساتذة جامعيون.
وأشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى حالات "قمع الاحتجاجات السلمية" وطالبت إدارات الجامعات بـ "الحرص على عدم إساءة تصنيف انتقادات سياسات الحكومة الإسرائيلية أو الدفاع عن الحقوق الفلسطينية على أنها معادية للسامية بطبيعتها، أو إساءة استخدام سلطة الجامعة لقمع الاحتجاجات السلمية".
يجب أن تصان
الدكتور أنطوان سعد، المتخصص في القانون الدولي، يقول إن المظاهرات في الولايات المتحدة يجب أن تصان بموجب الدستور وحرية التعبير، وألّا يتم قمع المتظاهرين بالقوة".
ويضيف سعد أن هناك إشكالية تستثنى من ذلك، وهي أن "هناك بعض المتظاهرين يرفعون أعلام منظمات يصنفها القانون الأمريكي إجرامية وإرهابية، تقوم بأعمال القتل لغايات سياسية أو أعمال غير شرعية، فهناك عشرات الملفات بحق حزب الله وأعوانه بالاتجار غير المشروع بالمخدرات والسلاح أو بتزوير الأوراق الثبوتية"
أما عن اعتقال المتظاهرين، فيقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ترسل السلاح لإسرائيل، ومن هنا، فإن التظاهر دعمًا للقضية الفلسطينية والضغط على الحكومة الأمريكية من أجل حملهم على وقف العدوان هو أمر مشروع مئة بالمئة".
ويخلص إلى القول: "التظاهرات دعمًا للقضية الفلسطينية تعد أمرًا مشروعًا، إلا أنه من غير الجائز أن تكون التظاهرات دعمًا لمنظمات إرهابية".
مسألة جدلية
بينما يقول الدكتور حسن المومني، المتخصص في العلاقات الدولية، إن مسألة الاحتجاجات الأمريكية مسألة جدلية في السياق القانوني، "لكن بتقديري الشخصي، فإن وكالات إنفاذ القانون كالشرطة وغيرها، ترتكز إلى قواعد ومبادئ قانونية قبل اتخاذ أي إجراء".
ويضيف المومني ،أن الشرطة لديها أقساما قانونية ومستشارين يقدمون خبرات واستشارات، و"أنه بعد 11 سبتمبر تغيرت كثير من القوانين في السياق الأمني، بما يضمن على السلم الأهلي، ومسألة استخدام القوة، وأيضًا مسألة تقييم المظاهرات".
ويضيف: "حق التظاهر يكفله الدستور، ومسألة تدخل الشرطة أمر معتاد عليها في الغرب، ضمن القواعد المسموح بها في الشارع أو الجامعات، وهناك انطباع بأن الجامعات لها حرمتها ولا يجوز تدخل قوات الأمن، لكن برأيي الشخصي قد تكون إدارات الجامعة طلبت التدخل".
ويختتم المومني بالإشارة إلى أن "هنالك أسسًا قانونية للتدخل، وإلا فإن كثيرًا من الجماعات، ومنها التي تقوم بالتظاهر، تستطيع أن تتقدم بشكاوى للمحاكم بهذا الأمر".