تتكدّس يوميًا الآلاف من السيدات الغزّيات مع أطفالهن في العيادات التابعة لوكالة "الأونروا"؛ لإعطائهم المطاعيم الطبية الخاصة بهم وفق البروتوكول العلاجي العالمي.
ومع حالات النزوح وتوقف الخدمات الطبية للأونروا في محافظات كاملة تضاعف عدد المتلقين لهذه الخدمات في الأماكن المتاحة؛ ما يضطر الأمهات للوقوف ساعات طويلة في طوابير للحصول على المطاعيم الخاصة.
وذكرت تقارير أممية أن استمرار إعطاء المطاعيم الخاصة بالأطفال لا سيما تلك التي تحميهم من الإصابة بعدوى الأمراض الفيروسية، يجنب قطاع غزة والمنطقة بأسرها حدوث كارثة صحية خطيرة جرّاء تفشي بعض الفيروسات بين الأطفال.
وقالت السيدة عبير مراد وهي نازحة من حي الزيتون بمدينة غزة إلى أحد مراكز الإيواء بمدينة دير البلح: "ولدت طفلي قبل الحرب بشهر واحد فقط ونزحت به تحت نيران القصف والمدافع الإسرائيلية إلى حي الزيتون قبل حوالي خمسة أشهر".
وأضافت السيدة مراد : "أعيش مع عائلتي داخل خيمة في أحد مراكز الإيواء بدير البلح في ظروف معيشية قاسية وسط انعدام للأمن الغذائي والصحي، بالإضافة لانعدام عوامل النظافة العامة والشخصية التي أدت إلى تفشي الأوبئة والأمراض بين الأطفال والعائلات النازحة".
وتابعت: "ذهبت إلى عيادة الأونروا الوحيدة بمدينة دير البلح عدة مرات مرتين منها لتلقي المطاعيم الخاصة بطفلي والباقي من أجل مراجعة علاجية".
وأضافت السيدة: "في كل مرة كنت أذهب فيها كنت أقف في طابور لأكثر من ثلاث ساعات من أجل الحصول على استشارة علاجية أو للحصول على التطعيم الخاص بطفلي في أجواء تفتقد إلى أبسط عوامل الصحة العامة بسبب حالات التكدس والازدحام".
من جهتها، قالت السيدة "أم يوسف" وهي نازحة من خان يونس إلى مخيم النصيرات وسط قطاع غزة: "لا يمكن الاكتفاء بنقطة طبية واحدة تخدم عشرات آلاف الأطفال دفعة واحدة، كان يجب أن تقام نقاط طبية أخرى للمساهمة في تخفيف حالات الازدحام".
وأضافت "أم يوسف": "في إحدى المرات التي احتجت أن أقوم فيها بإعطاء طفلي التطعيم الخاص به احتجت إلى حوالي 8 ساعات، حتى استطعت القيام بذلك، حيث خرجت به مبكرًا ومع طول المدة اضطررت للاتصال بزوجي الذي جاء وبقي هو وطفلي يقفون في الطابور، وعدت أنا إلى الخيمة لتجهيز طعام الغداء وبعدها رجعت مرة أخرى إلى العيادة".
وأوضحت: "نعيش خلال حياة النزوح تفاصيل مأساوية لا يمكن وصفها حتى في أبسط الأشياء التي نقوم بها، والتي باتت تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير لقضائها".
بدوره، قال مدير عام الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة في غزة موسى عابد، إن "مراكز العيادات التابعة للأونروا تحتاج إلى عمليات توسيع وتأهيل مستمر كي تتمكن من الحصول على أفضل خدمة علاجية ممكنة ولأكبر عدد ممكن لا سيما في ظل تكدس أعداد المرضى في ظل حالات النزوح الضخمة".
وأضاف عابد، أن حوالي أكثر من 250 ألف طفل تقل أعمارهم عن عامين، بحاجة إلى مطاعيم مستمرة وفق بروتوكول صحي عالمي بغرض حمايته من الأمراض والفيروسات الخطيرة.
وفي مرة توقفت عيادات شمال غزة عن تقديم هذه المطاعيم للأطفال؛ نظرًا لنفادها بالكامل ومنع الجيش الإسرائيلي إدخالها، إلا أن الأمم المتحدة والمنظمات الأممية أمنوا تلك العيادات بالكميات اللازمة، ما حال دون وقوع كارثة، بحسب المسؤول الصحي.
وأوضح أن "قطاع غزة يعيش حالة صحية كارثية جرّاء تداعيات الحرب المستمرة وتفشي الأمراض المعدية في مراكز الإيواء بين النازحين، لا سيما الأطفال والمصابين بالأمراض المزمنة".
ولفت عابد، إلى أن "المنظومة الصحية باتت منذ وقت مبكر غير قادرة على تقديم الرعاية الصحية للمواطنين نظرًا لاستهداف المراكز الطبية والمستشفيات من قبل الجيش الإسرائيلي وإخراج العشرات منها عن الخدمة تمامًا".
وطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الطبية المعنية بتوفير الحماية الكاملة للقطاع الصحي وإخراجه من دائرة الاستهداف، فضلًا عن السماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية من أجل ضمان استمرارية العمل وتقديم الخدمات الصحية.