لا تخف بولندا الدولة العضو في حلف الناتو تخوفها الدائم من روسيا، فبعد إبداء استعدادها لنشر صواريخ نووية فوق أراضيها، تبحث وارسو هذه المرة بناء خنادق دفاعية على الحدود مع روسيا وتحديدا عند حدودها مع مقاطعة كالينينغراد الروسية.
وفي المقابل ترد موسكو بشكل دائم على هذه التحركات بوصفها تندرج ضمن "روس فوبيا" التي يروج لها الغرب.
ويعتقد خبراء حاورتهم" إرم نيوز" أن الدوافع وراء الخطوات التي تتخذها بولندا تأتي من "التخوف من أي ضربة روسية انتقامية نتيجة دعم وارسو لكييف"، فيما رأى آخرون "أن بولندا تسير وفق مخطط غربي لرفع التوتر مع روسيا وتحسبا لحرب مفتوحة معها".
التخوفات البولندية
ويرى الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أوليغ كوستيوتشينكو، في حديثه لـ"إرم نيوز" أن التخوف البولندي يأتي بداية من موقعها الجغرافي كونها مجاورة لأوكرانيا وتعتبر أراضيها ممرًا لجميع أشكال الدعم الغربي القادم لكييف ومن وجهة نظر وارسو، فإنها ربما تتعرض لأي ضربة روسية كانتقام على هذا الدعم".
ويتابع الباحث: "منذ مدة عرضت وارسو استعدادها لنشر صواريخ نووية على أراضيها لكي تفرض معادلة ردع معينة في حال قررت روسيا الاقتراب منها، وهذا الطرح أيضا يأتي ضمن التخوفات البولندية التي يراها الساسة هناك محقة".
وينوه كوستيوتشينكو في حديثه عن التخوفات البولندية إلى أن هناك قناعة لدى بولندا أنها ساحة معركة محتملة في حال حصلت أي مواجهة بين روسيا والناتو، حتى إن ملفات ألمانية تم كشفها في السابق بأن روسيا تخطط لأن تكون بولندا أول منطقة بعد أوكرانيا ستبدأ فيها الحرب العالمية الثالثة، وهذه التخوفات كلها تدفع وارسو لاتخاذ خطوات تعتقد أنها ستحميها.
ويضيف: "لكن في المقابل لا نرى أي بوادر روسية واضحة لجعل بولندا تقلق كل هذا القلق فموسكو بتحركها داخل أوكرانيا تنطلق من منطلق حقها بتلك الأراضي، لكن لا خلافات حقيقية بين موسكو ووارسو لا على الحدود ولا على أي شيء آخر والخلاف الوحيد من وجهة نظر روسيا هي سياسة بولندا المعادية لروسيا والتي تتشابه مع الكثير من الدول الأعضاء في الناتو".
وفي سياق نظرة روسيا لتصرفات بولندا يشير الخبير في الشؤون الروسية كيريل خلودنوف، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "موسكو أعربت أكثر من مرة عن أن تصرفات وارسو تبقى تحت المجهر الروسي كونها رأس حربة للناتو المعادي لروسيا".
ويتابع: "بناء الخنادق الدفاعية على الحدود يؤكد تخوف روسيا من خطط لدى حلف الناتو للتدخل مباشرة في الحرب الروسية الأوكرانية، وهذه التجهيزات تشير إلى أن الغرب يجهز خطوطا دفاعية تحسبا لرد روسي على أي تدخل مباشر من الغرب في أوكرانيا وتحديدا إرسال قوات نظامية لدعم كييف".
حرب مباشرة بين روسيا والغرب
وحول الرد الروسي على هذه الخطوة يشير خلودنوف، إلى أن "موسكو فعليا منذ مدة اتخذت بعض الخطوات خاصة في التشكيلات العسكرية القريبة من دول البلطيق، وكذلك أشارت تقارير إلى أن هناك نية روسية لتدعيم الترسانة النووية بالقرب من حدودها مع الغرب وكذلك الخطوة السابقة التي اتخذتها بنشر صواريخ نووية في بيلاروسيا تلك الدولة التي تملك حدودا مع بولندا".
ويتابع: "كل هذه التحركات مقلقة دوليا وتزيد من التوتر والتصعيد بين الدول النووية وفي نفس الوقت نرى رفضا دوليا على الصعيد السياسي للدخول في حرب مباشرة بين روسيا والغرب، والتي تعني بالضرورة حربا عالمية ثالثة، لكن على الأرض نرى عكس ذلك للأسف وهذا أمر خطير جدا".
وخلص الخبير في الشؤون الروسية إلى أن "بولندا في النهاية لا تتحرك من قرارة نفسها لذلك تصرفاتها توضح سياسة الغرب اتجاه روسيا، ولكن من المبكر أن نقول إننا خرجنا من حقبة الحرب الباردة والتي قلت برودتها نوعا ما لكن حتى هذه اللحظة يمكن ضبط الوضع لكن في حال حدوث أي تصادم بين القوى الدولية فالأمر سيصبح معقدا جدا ويصعب ضبطه".