الخامس والعشرون من أيار يحتفل الأردنيون و يصدحون عاليا بصوتهم اعتزازا بيوم استقلال وطنهم ، و أعلان قيام دولتهم ، وخارطة حدودهم ، وتأسيس جيشهم رمز قوتهم و سيادتهم و سياج أمنهم ، وتدشين عمان الوفاق والاتفاق عاصمتهم ، وتشكيل وزاراتهم ومؤسساتهم ، ليقولوا للعالم وللأمة ، هنا الاردن ، أردن العطاء ، أردن اليرموك و مؤتة أرض التضحية و الشهداء و الفداء ، أردن الفكر والثقافة والبناء ، أردن التاريخ والحضارة ربة عمون و فيلادلفيا و مؤاب و البتراء و الأنباط و الروم و العباسيين و الامويين والملوك والخلفاء .
في ظلال الاستقلال ، يستذكر الأردنيون مراحل تاريخ تأسيس و نهضة الدولة ، التي بنيت على أكتاف ابنائها من النساء والرجال ، على اكتاف الفلاحين في الحقول وسلات الغلال ، على أكتاف أصحاب الصناعة والتجارة و رؤوس الأموال ، على أكتاف وبأيدي الكادحين المناضلين من المعلمين و الطلاب والعمال .
أبناء شعبنا الاردني العظيم ، أفخروا و أفتخروا بأستقلال أردنكم ، وطنكم ، بيتكم ، مهد ميلادكم و مثوى مماتكم.
ارفعوا رؤوسكم يوم استقلالكم و تذكروا و أذكروا تضحية أجدادكم ، وعناء وكبد ابائكم ، وجهدكم وصبركم لتأمين لقمة العيش و مستقبل ابنائكم .
الاردن لم يكن استقلاله هينا لينا سهلا ، كم يشاع من بعض أصحاب الفكر المغلق ، الفكر الحاقد و الجاحد المنكر له بشكل مطلق ، الذي لطالما كان يوسوس في غرف مجلسه السري ، بأن هذا الاردن ماكان الا مشروعا لمستوعب بشري ، وتارة أخرى يعتبره فقط ساحة لفكره و خططه و فلسفة انتمائه السياسي الديني أو الايديولوجي ، أو لنشاطه التجاري وبقدر ما يرتفع رصيده البنكي وبعد التدقيق فهذا الثالث أشد خطورة و تهديدا على هذا الوطن ما بين هذه الفئات.
لهؤلاء نقول إن الاردن أستقل بعد أن تخلص من عهد التجهيل والتتريك ، أستقل وهو يواجه وعد بلفور المشؤوم الذي كان من ضمن بنوده ، وبعد أن نفض و أنتفض في وجه المشروع الصهيوني في بدايته ، و على الانتداب البريطاني و وصايته ، و ليخوض معارك الدفاع عن القدس اولى قبلته و درة وصايته الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية و جوهر عقيدته السياسية، ليقدم الدم تلو الدم ، و يحتضن الضفتين و يلتم شمل الخال و العم ، و يتحد الشعبين في وحدة في المصير الواحد والهم .
الاستقلال سيرة من سير الذاكرة والتاريخ الاردني ، الذي يذكرنا ، بأننا بنينا هذا الوطن وهذه الدولة ، بقليل من الموارد و الثروات ، و بكثير من الإصرار و المثابرة لتحقيق الأمن والاستقرار و العمل بأمانة و أخلاص للوصول إلى ما وصلنا له اليوم.
عهدنا و قسمنا لهذا الوطن وشعبه وقيادته هو الحفاظ على استقلالنا و وحدتنا الوطنية و قوة جبهتنا الداخلية ، بدمائنا و روحنا و فكرنا الحداثي الديمقراطي المدني الاجتماعي ، نحفظه من عصابة الاشرار الظلاميين ، المارقيين ، للموجات راكبين ، و الماكرين تجار الصفقات و العمولات .
أعاد الله علينا يوم الاستقلال و الاحتلال الصهيوني إلى زوال ، اعاده ونحن في أحسن حال و مآل ، ليبقى الاردن كما نعشق ونتمنى سالما غانما ، هل نستطيع ؟