كشفت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، نقلاً عن مصادر، أن ممثلي دول البلطيق وبولندا حذروا ألمانيا من أنهم سيرسلون قواتهم إلى أوكرانيا في حال حققت روسيا نجاحات جدية على الجبهة، ما يكشف عن خلافات بين الدول الغربية بشأن إدارة الصراع في أوكرانيا.
ويرى خبراء روس أن تحذير هذه الدول لبرلين يأتي انعكاسا للخلاف الذي يتعمق في أوروبا بشأن الصراع في أوكرانيا، إذ بات وجود آراء مختلفة واضحاً للعيان، فيما يشير آخرون إلى أن ألمانيا وباقي دول أوروبا الغربية لديها وجهات نظر متقاربة، في حين تشعر الدول الشرقية بخطر أعمق ولديها آراء مختلفة.
انقسام غربي
يقول الخبير في الشؤون الدولية اليكسي بورودايفسك إن "الغرب منقسم فعلا، وليس لطرفين فقط بل لعدة أطراف؛ فدول البلطيق تبحر وحدها، وألمانيا لها وجهة نظر مختلفة عن فرنسا، فيما تأخذ الولايات المتحدة خطوطا حمراء كثيرة لكي لا تنجرف الأمور لصراع مباشر مع روسيا".
وبشأن هذه الاختلافات داخل البيت الغربي، أوضح بورودايفسك، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن جميع الدول لها مصالحها في هذه الحرب ولها تخوفاتها، ومع فشل جميع الخطط الغربية لهزيمة روسيا، وعدم قدرة كييف على الوقوف كما يجب، بدأت الدول الغربية البحث عن مصالحها منفردة بعيدا عن النظرة الأوروبية والأمريكية.
وأضاف: "نرى بولندا ودول البلطيق أكثر تشددا في هذا الصراع رغم عضويتها في الناتو؛ لأنها تدرك أن هذا الحلف يمكن أن ينتهي في أية لحظة إذا حققت القوى التي تسيطر عليه مصالحها، وسيتم تركها تواجه مصيرها أمام روسيا".
وتابع بورودايفسك يقول: "بهذه التهديدات أو التحذيرات، تحاول هذه الدول إرغام باقي التكتل في الناتو على رفع سقف الدعم، وإلحاق أكبر ضرر بموسكو لكي تتوقف عند أوكرانيا فقط"، في حين أن "تلبية ذلك من عدمه تبقى بيد صناع القرار في واشنطن في النهاية".
برلين والاستجابة للتحذيرات
ويرى الباحث في الشأن الأوروبي سيرغي أولينيك أن "بولندا ومعها بقية دول البلطيق الأعضاء في الناتو تُعدّ الجناح الأضعف في هذا التحالف، ولا تملك رفاهية تحديد وجهة التحرك لهذا الحلف؛ فالقرار في النهاية ترسم معالمه الولايات المتحدة بالتعاون مع الدول القوية في هذا الحلف".
واستبعد أولينيك، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "تصغي برلين لهذه المطالب، لكن أحيانا أية مغامرة غير محسوبة قد تجر الجميع لحالة عسكرية استثنائية لا يعرف أحد كيف تسير مجرياتها".
وبشأن الظروف التي قد تدفع برلين للاستجابة، يقول الباحث في الشأن الأوروبي: "باعتقادي إذا لم يحصل أي اعتداء مباشر على أراضي دولة عضو في الناتو لن تدخل ألمانيا ومعها حلف الناتو في هذا الصراع، وسيكون السقف الأعلى للاستجابة الألمانية بإرسال السلاح والصواريخ، وإذا أرادت برلين المغامرة سيكون أعلى تحرك بإعطائها كييف الضوء الأخضر لقصف الأراضي الروسية بصواريخ ألمانية".
وعن مخاطر هذا القرار، أوضح الباحث الروسي أن "الغرب يحاول عدم إظهار موافقة جماعية على ضرب روسيا بصواريخ صنعت لديه؛ لذلك يحاول ربط الموضوع بدولة واحدة كبريطانيا مثلا، مع معارضة باقي الدول الغربية أو إظهارها لتحفّظ ما، وبهذا يعقّد إمكانية الرد لدى موسكو، فالناتو لم يتدخل في هذه الحالة وبريطانيا بعيدة عن الجغرافيا الروسية، وليست على حدودها".
وتابع قائلا: "الأمر معقد جدا؛ لأن الوضع يشبه العملية الجراحية التي نسبة نجاحها شبه معدومة؛ فأي خطأ حتى ولو بسيط يودي بحياة المريض فورا، وهذا ما يخشاه الجميع، لذلك ما زالوا يحومون بعيدا حتى اللحظة عن منطقة الخطر، إلا أن الاقتراب منها باتت طرقه معلومة أكثر، والتفكير بالسير في هذه الطرق بات يظهر هنا وهناك".