يعيش الغزّيون شمالي قطاع غزة ملامح مجاعة بدأت تتعمّق وهي الثانية بغضون أشهر، جرّاء الحصار الإسرائيلي الخانق على الأحياء السكنية هناك، وعمليات التهجير القسري، بحق مئات الآلاف من السكان، بالإضافة إلى منع إدخال ووصول المساعدات الإنسانية إلى تلك الأماكن.
حيث أن الجيش الإسرائيلي يمارس عملية عسكرية واسعة على عمق شمال قطاع غزة وتحديدًا في مخيم جباليا بعد أن أفرغه تمامًا من السكان وأجبرهم على النزوح إلى منطقتي الصفطاوي والجلاء.
قال رئيس اللجنة الشعبية في مخيم جباليا ماجد ياغي، إن الجيش الإسرائيلي دمّر مخيم جباليا بشكل شبه كامل؛ حيث هدّم مئات البيوت والمنازل وقام بأعمال تجريف واسعة طالت الشوارع والبنى التحتية، إذ تحوّل أكبر مخيمات اللجوء داخل وخارج فلسطين إلى كومة من الركام، وما زال العمل العسكري مستمرًّا حتى اللحظة.
وأضاف ياغي لم نتمكن من التعافي بعدُ من المجاعة التي طالت أكثر من 700 ألف مواطن شمال وادي غزة، منهم نحو 300 ألف في مخيم جباليا، حتى بدأت ملامح مجاعة جديدة تتشكل في الأفق وتضرب بطون المنهكين من جديد.
وتابع، لقد بدأت العملية العسكرية البرية الثانية خلال هذه الحرب قبل نحو أسبوعين، استخدم فيها الجيش الإسرائيلي كثافة نارية غير مسبوقة لتهجير وقتل أكبر عدد من المدنيين تمهيدًا لدخول الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية.
وأكمل المسؤول الفلسطيني: "اضطر جميع سكان مخيم جباليا المكتظ بعشرات الآلاف من النازحين إلى النزوح إلى المناطق الغربية لمخيم جباليا وتحديدًا منطقتي الصفطاوي والجلاء تحت القصف المركز ودون أن يتمكنوا من أخذ ما كانوا يختزنونه من أجل مثل هذه الظروف العصيبة".
ولفت ياغي، كل ذلك إلى جانب منع إدخال ووصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين منذ قرابة أسبوعين، فبدأت تتشكل ملامح مجاعة في الأفق أولى علاماتها هي الغلاء المفاجئ للأسعار.
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني محمد دياب، إن التجويع والحرمان هما من الأساليب الرئيسة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، إلى جانب عمليات التهجير القسري تحت نيران الطائرات والمدافع.
وأضاف دياب، أن الجيش الإسرائيلي أعلن عمليته العسكرية الثانية على عمق مخيم جباليا ولا سيما وقد أظهرت التقارير الإسرائيلية السابقة قبيل الهجوم عودة الجناح العسكري لحركة حماس لبناء قوته من جديد وإعادة الانتشار في المناطق التي لا يتواجد بها الجيش الإسرائيلي.
وتابع، جاءت العملية العسكرية للقضاء على آخر معاقل حركة حماس في شمال غزة من جهة، والتجهيز لبدء المرحلة الثالثة من جهة أخرى، لذلك استخدم فيها الجيش الإسرائيلي عدة أساليب منها: التجويع ومنع وصول شاحنات المساعدات إلى مئات الآلاف من المدنيين.
ولفت الباحث السياسي إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى من خلال المجاعة التي يُحدثها إلى دفع المواطنين من جديد للنزوح جنوب وادي غزة لرفع تأثير هذه الورقة (النازحون) في جولات المفاوضات من خلال حصر أكبر عدد من النازحين خلف محور نتساريم من الجهة الجنوبية.