أزّعُمُ وأنا المواطن الأردني البدويُ المعنيٌ بالبادية وشؤونها وتفاصيلها ... أنني وربما الأقربُ... دون غيري....للحديث عن
مستشارية العشائر ....نشأتها وغايتها ..والدور المأمول منها ....وهي وبلاشك .. الجوهرةٌ الجميلة...والدائرة الحيوية الفاعلة في الديوان الملكي الهاشمي العامر...ووديعة الهاشميين الغالية...وعربون وفائهم ....لأهلهم ....من شتى أصولهم ومنابتهم...وفي بواديهم واريافهم ومخيماتهم..ولعل المراقبٍ والمتابع الحصيف مثلي...يرى وبعين المُحبِ لهذا الوطن وقيادته وأهله ... أنه لايليق ابداً بمستشارية العشائر ان تنتهي الى دائرةً هامشية تقليديةً...وأن من الأجدر ان تضطلع هذه الدائرة بدورٍ فاعلٍ ومؤثرٍ وحيوي ... يرتقي الى رؤية جلالة الملك وولي عهده الامين ...في إحداث تنمية اقتصادية
شاملة ..تؤسس لإقليم اقتصادي متكامل يتمدد على مساحات بوادينا الثلاث ....وفي العديد من محافظات المملكة ككل ....تحدُّ من آفتي الفقر والبطالة ....وتنتشل شبابنا من شظف الحاجة ..والضياع .. وضيق ذات اليد ..وترفد سلة غذاء هذا الوطن ...وتعالج منظومة أمنه الغذائي.
ومن الإنصاف أن نشير الى أن مستشارية شؤون العشائر وبكادرها الحالي ومستشارها الجديد .وبدعمٍ من جلالة الملك المفدى ..وولي عهده المحبوب ..قد بدأت تستعيد عافيتها ...وتستعيد ألقها ....وتقود بنفسها حركةً تصحيحيةً وتقييميةً جادةً ومستمرة ....لتأخذ بحق موقعها الصحيح ...وترتقي الى الرؤية الملكية السامية...والى الغاية المثلى التي أُنشئت من أجلها.
ومن المهم هنا التأشير أيضاً الى ان المستشارية وبكادرها الحالي ... قد ورثت تركةً ثقيلةً ....ممن سبق ...وان هذه التركة ...تحتاج الى جراحةٍ دقيقةٍ وعاجلة وجريئة... وفي ثلاث قضايا أساسيةٍ وجوهرية ....أُولاها ...مسألة الزعامة والوجاهة العشائرية وما شابها من خروجٍ سافرٍ على العديد من القيم والعادات والتقاليد النبيلة التي تربينا عليها جميعا...في مجتمعنا الاردني الواحد ....وثانيهما ...مسألة الاجتهاد غير الدقيق والإرتجالي والفوضوي ...وعلى طريقة الفزعة ...في مجال التنمية الاقتصادية على امتداد بوادينا الثلاث ...وغياب التفكير الجاد في منح مستشارية العشائر مهمة الإضطلاع بهذا الملف.
وثالث هذه القضايا ..هي مسألة البدون المقيمين على ارض المملكة دونما إثباتٍ أو هوية ..والموزعين مابين محافظات المملكة كلها..وبشكلٍ خاص في بادية الشمال ... في ظل تحديات أمنية واقليمية غير مسبوقة ...ولها مساسٌ مباشرٌ بأمننا الوطني الاردني.
وفي الحديث في المسألة الاولى ..فإن السؤال الذي يطرح نفسه ..هو .....أنه مادام أن القبائل والعشائر والأُسر الكريمة في هذا الوطن العزيز ..ومنذ تأسيسه ...معروفة ..بزعاماتها ووجاهاتها العشائرية كابرٍ عن كابر ....ومعروفة أيضاً بأنسابها ..وعاداتها وتقاليدها وأعرافها .........فمن أين أتت لنا تلك الجيوش المجحفلة من الشيوخ والوجهاء..؟؟؟....مع ان قبائل الاردن وعشائره ...هي هي ..لم تتبدل ولم تتغير ......ولا شك بأن هذا الامر يحتاج الى قراءةٍ عميقة ومراجعةٍ دقيقة وواعية....معيارها الاساس هو النظر بقدرة هذا الشيخ او ذلك الوجيه....في التأثير الايجابي في وسطه الاجتماعي ..وبما يخدم المصالح العليا للدولة الاردنية...ويعزز من متانة نسيجنا الاجتماعي . ومنظومة أمننا الوطني .وبغض النظر عن وراثته لهذا الموقع الاجتماعي ام لا ...فما حاجة هذا الوطن لوجيه او لشيخ ..او زعيم ...ليس له مكاناً بين قومه وعشيرته وأهل بيته...وما حاجة الوطن لزعيم لايحركه وجع الوطن ....وبهذا الخصوص فإن المصلحة تقتضي وضع خارطة طريق واضحة لحسم هذا الأمر .بشكل واضحٍ وشفاف وجلي ...ووفق شراكةٍ عالية المستوى ..مع الجهات المعنية ذات العلاقة ....وفي مقدمتها .. حاكميةٍ اداريةٍ لديها المعرفة التامة والفهم العميق والدقيق ...للطريقة المثلى في اختيار زعاماتٍ ووجاهاتٍ وطنية فاعلة ومؤثرة على الساحة المحلية...وحاضرة في صناعة القرار الوطني السليم ... ولايضيرُ ان نعترف بأن هذا الملف قد إعتراه الكثير من القصور والفوضى والشخصنة والمحسوبية.
وللحديث في مسألة التنمية ..فإن الموقع الجيوسياسي للبوادي الثلاث ..الموزعة مابين محافظات المملكة.....وغزارة مواردها الطبيعية ...وكثافة عدد سكانها ....
ومساحاتها الشاسعة ...يؤهل مستشارية العشائر لأن تشكل مظلةً راعيةً لإطلاق مشاريع تنموية عملاقة ومتنوعة ..تُموّلُ من صناديق تنمية البوادي المبعثرة هنا وهناك على ان يجري إعادة هيكلتها ...وتوحيد مرجعيتها ... ومن خلال التنسيق العالِ المستوى مع كافة الجهات المعنية في الدولة.
وفي قضية البدون ...فإن مستشارية العشائر معنية بقيادة فريقٍ احترافي متخصص...يمثل اجهزة الدولة المعنية كافة ...مهمته تحديد هوية كل مقيم ...وصفة اقامته على ارض المملكة.
ولعل المسألة الأهم ....في كل ماسبق ......أن نرتقي جميعاً لقيم المواطنة الصادقة المخلصة ....وان ينتهي البعض من الحالمين والمشككين والسوداويين ومريديهم كلياً...من ثقافة المناكفة والمشاكسة ... ومن الهمز واللمز ....للنيل من الجهود العظيمة والمقدرة وغير المسبوقة والتي يبذلها فريق المستشارية الحالي مستشاراً وموظفين .. ولا أعتقدُ بأن صدر المستشار النبيل الهادئ الرزين..الواثق ...قد يضيق ذرعاً....امام النقد الموضوعي والبناء... الذي يصب في خدمة الصالح العام..والمصالح العليا للدولة الاردنية .