كم كنت اتمنى أن أحترف صنعّة الفلاح من بلدي في أرض النبوءات والتاريخ العميق وأجلب بذاراً من أطايب صنوف الورد المعروف بلونه ورائحته وأبدأ بشق الثرى بحجم القلب وأبذر فيها الخير وانتظرها حتى تكبر ويزهر الورد وأقطفه لأجلك با ابا الحسين. كنت اتمنى ان أتقن مهارة الصنعة لمحترف يتقن مهارة الصّناع فيصنع من الزجاج الفيروزي أو الكرستال الوردي الشفاف قارورة ترى منها كل قلوب المخلصين لأهديك إياها صافيةً جميلةً عسى خاطرك يسر بما فيها بعد رحلة ربع قرن من التعب الطويل والسّهر العميق. إن مهنتك يا سيّد الرجال وياسّيد الأردن مهنة ملك قد نذر نفسه من أجل وطنه وأمته وهي مهنة صّعبة وتكبر مسوؤليتها يوم يكون الملك ينتمي لفخر الأنساب العربي من قريش من عترة بيت النبوة وإمتداد النسب الشريف للرسول الكريم. إن مهنتك يا سيدي إرث عميق من قيادة عربية حكيمة أساسها البيعة من الوفاء العميق مع شعبك الذي يحبك وتحبه يا أبا الحسين. إنني يا سّيد العطاء ممن يكتبون في لغة المحبيّن وأتعطر بعباءة الحروف العربية التي تعطيني دافعاً شديد الصلة والإرتباط مع وطني رغم البعد عنه ربع قرن ويزيد من زمان الغربة الطويلة لكننا ما زلنا على العهد.
في هذه المناسبة الغالية بذكرى جلوسك على العرش الملكي الأردني ومرور اليوبيل الفضّي عسى أن لا تخونني الحروف أو أن تستوعب ما إعتذرت عن التعبير لأنه فوق إمكاناتها الخاصة ورجتني أن لا أخوض هذا الغمار الصّعب خشية أن تكون ما تزرعه الكلمات أو تصنعه هو أقل جمالاً من حقل كل الوّرد أو زجاج الفيروز و الكريستال الأحمر الشفاف أن نقدمها لأجلك يا سيدي على كل العطاء الدائم و سنوات العمر التي مضت. أيها الملك المتواضع النبيل يا راية من راياتنا الكبرى لقد شاهدتك عيوني أول مرة في ماليزيا وتشرفت بالسلام عليك يوم نورّت المكان بحضور مؤتمر القمة الإسلامي قبل عقدين من الزمن الجميل وأذكر جيداً كيف إلتف حولك الجموع من أهل البلاد وغيرهم لأنك تشكل رمزية فريدة في هذا العالم فجدك الحسين بن علي ملك الثوار والعرب ووالدك هو والدنا الحسين طيب الله ثراه الذي شكل عرشه من تيجان قلوبنا وترك البصمة تلو البصمة في التاريخ والمواقف النبيلة التي كانت تحتاج للحسين بروحه العربية المخلصة وإرثه الإسلامي مدافعاً عن الحق الفلسطيني وحقوق العرب.
لقد تركنا الملك الحسين طيب الله ثراه في عهدتك يا سّيد الرجال فأكملت المسيرة المظفرة وجابهت من قسوة الضغوط على وطننا الأردني ما لا يحتمل وقلت لا لصفقة القرن وبأن القدس خط أحمر ومازال كلامك هو الكلام وسيفك هو السيف النبيل . يا سيدي الملك إن لغة خطابك مع الغرب هي أجمل صورة تقدمها عن العرب أجمعهم بوعيّ وثقة لا حدود لها وأفعالك فيها طابع العسكر في الانضباط والدقة والحركة لأنك القائد الثابت في كل مواقفه يتكلم بلغة واحدة لم تغيره السنين. لقد حملت في صدرك هموم الأمة ووجع فلسطين وشعار التغير إلى الأفضل التي تركز عليه في كل التفاصيل وإن شاء الله مستقبل الأردن سيكون هو الأفضل بإنجلاء الهموم عن أمتنا ومواصلة العطاء غير المحدود . إليك يا سيدي الرجال تكتب الكلمات المفعمة الصادقة وتقدم الورود الزاهية وفي أكف أيدينا وصدورنا الدّعاء ان يمّن الله عليك بالصحة والقوة بعد رحلة اليوبيل السعيدة المليئة بالعطاء المخلص.