بحثاً عن أمان مفقود، آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة نزحوا مجدداً من الأحياء الجنوبية الغربية لمدينة غزة باتجاه الأحياء الشمالية الغربية منها، تحت قصف كثيف لطيران الاحتلال الإسرائيلي ومدفعيته، وتزامن ذلك مع توغل واسع لقواته في المنطقة، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى، وحصار عشرات العائلات في منازلها، فيما افترش الآلاف الطرقات، حيث لا مأوى ولا خيام لهم، في ظل وضع إنساني يزداد كارثية مع دخول حرب الإبادة شهرها العاشر.
دبابات الاحتلال توغلت فجر اليوم في حي تل الهوا ومنطقة الصناعة والأطراف الجنوبية لحي الرمال في غزة وسط قصف كثيف، وذلك بعد ساعات من إصدار الاحتلال أوامر بإخلاء أحياء الشجاعية والتفاح والدرج شرق المدينة، وإرغامه أهلها على النزوح تحت القصف إلى المناطق الغربية والجنوبية الغربية التي توغل فيها فجراً.
مقر وكالة الأونروا في المدينة كان أيضاً هدفاً لقوات الاحتلال التي اقتحمته بعد شن غارات عنيفة، وما زالت تتمركز فيه، واعتلى قناصة الاحتلال بعض المباني المرتفعة في محيط المقر، بينما ما زالت فرق الإنقاذ والإسعاف تحاول الوصول إلى الجرحى والشهداء لإجلائهم، في ظل صعوبة التحرك بالمدينة بسبب شدة القصف المتواصل.
محمد الزعانين، قال: أمضينا ليلة صعبة جداً والأوضاع مأساوية، حيث هرب الناس أمس من شرق ووسط مدينة غزة إلى جنوبها وغربها، بعد توسيع الاحتلال عدوانه، ومع الفجر شن طيران الاحتلال غارات عنيفة جداً على الأحياء الجنوبية والغربية، مع توغل قواته ودباباته من جهة تل الهوا والصناعة ومنطقة الجامعات غرب مدينة غزة، لتزداد المأساة والمعاناة بشكل مضاعف، مشيراً إلى أن الوضع خطير، فلا مكان آمناً للنزوح إليه، حتى إن الأماكن التي توجه إليها الأهالي أمس بصعوبة بالغة فقدوها الآن، ومتسائلاً أين يذهب البشر من بطش وإرهاب الاحتلال الإسرائيلي؟.
الطبيب عز الدين لولو، أوضح أن الاحتلال أجبر الأهالي على النزوح إلى الأحياء الغربية من غزة ومن ثم حاصرهم فيها، لافتاً إلى أن آلاف العائلات في الشوارع ولا تعلم أين تذهب تحت إطلاق النار والقذائف الكثيف.
محمد عبد العزيز، أشار إلى أن النزوح تلو الآخر هو ما يعيشه أهالي القطاع منذ عشرة أشهر من العدوان، مبيناً أن طيران الاحتلال شن غارات كثيفة، استهدفت طرقاً ومنازل ومباني سكنية في أحياء الرمال وتل الهوا والصناعة، ما أسفر عن شهداء وجرحى، فيما أجبرت قوات الاحتلال آلاف النازحين في حيي التفاح والدرج بمدينة غزة على النزوح سيراً على الأقدام تحت القصف.
المكتب الإعلامي في غزة، أفاد بأن الاحتلال أرغم إدارة مشفى المعمداني في مدينة غزة على إخلائه من الطواقم الطبية المرضى والجرحى مساء أمس، مشيراً إلى أن جميع مستشفيات المدينة باتت خارج الخدمة بعد إخلائه، وأن طواقم الإسعاف تنقل من تستطيع الوصول إليهم من جرحى غارات الاحتلال إلى مستشفيات شمال القطاع.
حركة حماس أكدت أن تصعيد الاحتلال الصهيوني عدوانه على مدينة غزة، واستهدافه عشرات الآلاف وإجبارهم على النزوح من بيوتهم تحت وطأة القصف الوحشي، هو إمعان في حرب الإبادة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن العدو يمارس أبشع الانتهاكات بدعم مطلق من الإدارة الأمريكية المتواطئة معه، لكن رغم ذلك لن يفلح في إخضاع الشعب الفلسطيني الصامد مهما صعد من إجرامه، ومطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالوقوف عند مسؤولياتهم القانونية والإنسانية والضغط لوقف جريمة الإبادة، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قالت: إن قصف الاحتلال لمدينة غزة هو الأعنف منذ أشهر ويستخدم فيه كل أنواع الأسلحة أمريكية الصنع المحرمة دولياً، موضحة أن الاحتلال يقوم بعملية تدمير ممنهج للبنية التحتية في القطاع، وقتل أكبر عدد ممكن من الأهالي، ومفاقمة الأزمات الإنسانية بإجباره الآلاف على إخلاء منازلهم، والنزوح تحت القصف وافتراش الأرض والشوارع، دون أن يتسنى لهم أخذ أي شيء من منازلهم.
وكالة الأونروا حذرت من أن أهالي القطاع في نزوح مستمر بلا مأوى تحت القصف، وبأن الظروف المعيشية باتت لا تطاق بسبب أطنان النفايات والقمامة المتراكمة على طول الطرق وقرب الملاجئ المؤقتة، مشيرة إلى أن ما يقدر بنحو 85 ألف فلسطيني نزحوا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة الأسبوع الماضي، في حين تشير أحدث البيانات إلى تهجير ما لا يقل عن 66700 فلسطيني من شرق خان يونس ورفح في الجنوب، مبينة أن حجم الاحتياجات هائل وأنه أصبح من المستحيل على الأمم المتحدة تقديم أي نوع من الاستجابة بسبب القصف والحصار الذي تفرضه "إسرائيل” ومنعها إدخال المساعدات والوقود.