في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة، يواجه الموطنين، وخاصة الأطفال، ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة. وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، فإن عدداً كبيراً من الشهداء هم من الأطفال، الذين يجدون أنفسهم في خضم صراع لم يكن لهم يد في إشعاله.
تشير الإحصاءات الأخيرة إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات والشهداء بين الأطفال، مما يثير قلقاً دولياً متزايداً حول تأثير الحرب على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع الفلسطيني.
وبحسب التقديرات فان عدد الأطفال الشهداء قابل للازدياد في ظل استمرار هذه الحرب وهذه المجازر التي تُرتكب ضد الأطفال والمدنيين والنساء، على مدار العشرة أشهر دون أي رادع.
وامس السبت استشهد أيضاً عدد كبير من الأطفال في غارة جوية على خيام النازحين في المواصي غربي مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، والتي راح ضحيتها 90 شهيداً وأصيب آخرون، في ما وصفه الفلسطينيون بالمجزرة البشعة في المنطقة التي ادّعت إسرائيل أنها منطقة إنسانية آمنة.
رئيس وزراء الاحتلال برّر هذه المجزرة بأن الجيش أراد بها القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
في حين تساءل جدعون ليفي الكاتب في صحيفة هارتس العبرية، في مقال مطول له بعنوان كم عدد الأطفال المسموح بقتلهم في غزة مقال محمد ضيف؟ كم عدد القتلى البربري الذي يسمح لإسرائيل بارتكابه للقضاء على قائد أو اثنين، مهما كانوا فانين وشريرين. لا يُطرح هذا السؤال في إسرائيل. إذا تجرأ أي شخص على طرحه، فسيتلقى الرد التلقائي: "بقدر ما هو ضروري".
وأضاف جدعون "مشاهد ظهر السبت في غزة تظهر "بقدر ما هو ضروري": الرعب. قصفت الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار المواصي، التي أعلنتها الجيش منطقة آمنة لسكان غزة. بالنسبة للإسرائيليين الذين تضخمهم وسائل الإعلام بشعور زائف بالنصر: هذه منطقة تعادل مساحة مطار هيثرو في لندن، 6.5 كيلومتر مربع (حوالي 2.5 ميل مربع)، مزدحمة بـ1.8 مليون شخص فقدوا كل شيء.
وأردف قائلاً بطبيعة الحال، لا توجد ملاجئ من الغارات الجوية هناك، ولا أي منازل، فقط خيام ورمال. يدعي الجيش الإسرائيلي أن المنطقة التي قصفت تم تعريفها بأنها "مغطاة بالأشجار" - أشجار في غزة؟ - وأن العشرات من الإرهابيين قتلوا في القصف، لكن الصور التي تم بثها للعالم أظهرت خيامًا مدمرة وأطفالًا يصرخون في موتهم.
مئات المجازر
منذ بداية الحرب في العاشر من أكتوبر ارتكب جيش الاحتلال مئات المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين بزعم اغتيال قائداً ما من قادة المقاومة، فكم من بيت قصفته فوق رؤوس ساكينه من أجل هذا السبب؟
مجزرة مواصي خانيونس لم تكن المجزرة الأخيرة التي يرتكبها جيش الاحتلال، فطالما الحرب مستمرة وهو يقتل ويبيد ويغتال سواء الشيوخ أم النساء أم الأطفال.
بدوره، أكد مدير المكتب الإقليمى للمرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان محمد المغبط، أن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلى لمخيم "المواصي" فى خان يونس بعد إعلانه منطقة آمنة للنازحين واللاجئين للاحتماء به بعيدا عن العمليات العسكرية، يعد "خرقا للقانون الإنسانى الدولى وجريمة حرب تضاف إلى سجل جرائم إسرائيل".
في حين أشار جدعون ليفي إلى أن "النازحين الغزيين وجدوا ملجأ من الحر والعطش والجوع، وهنا استهدف الطيارون ومشغلو الطائرات بدون طيار صواريخهم القاتلة. كانت النتيجة مذبحة: 71 قتيلاً حتى ظهر السبت، بما في ذلك الأطفال وفرق الإنقاذ، ومن المتوقع أن يرتفع عددهم".
كم من الدماء يجب أن تُراق؟
وتابع ليفي "تم نقل مئات الجرحى على أغطية السيارات المتعثرة، العربات التي تجرها الحمير الجائعة أو في أذرع الأقارب والأحباء المذعورين إلى مستشفى ناصر نصف المدمر، والذي بدا مرة أخرى كمسالخ. تقريباً لا يهم أي شيء من هذا لإسرائيل".
وتساءل أيضاً " هل السعر الذي دفعه النازحون في غزة يوم السبت مناسب؟ كم من الأطفال والأطباء والنساء وكبار السن والمقيمين البسطاء ستقتل إسرائيل من أجل محمد ضيف واحد؟ كم من الدماء يجب أن تراق لإشباع الشهية العسكرية والسياسية لعرض النجاح؟
واختتم مقاله قائلاً "100قتيل مسموح به بالتأكيد. ماذا عن 1000؟ أعتقد أن معظم الإسرائيليين سيهزون رؤوسهم بالموافقة. 10000؟ 50000؟ فقط قولوا كم يُسمح لإسرائيل بالقتل حتى يُعتبر جريمة في أعينها؟ أين تتوقف المجزرة؟ الإجابة معدة مسبقًا: "بقدر ما هو ضروري". بعبارة أخرى: لا يوجد حد".
خلال الأيام الماضية، أعلن الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء، أن القوات الإسرائيلية تقتل نحو 4 أطفال كل ساعة في قطاع غزة، فيما يعيش 43349 طفلا من دون الوالدين أو من دون أحدهما، بسبب العدوان المتواصل على قطاع غزة لليوم الـ181.
وأظهر بيان أصدره "الاحصاء" أن الطفل دفع ثمنا باهظا في الحرب التي استهدفته بشكل كبير. وبحسب "الإحصاء" فإن "ما يزيد على 14350 شهيداً في قطاع غزة هم من الأطفال ويشكلون 44 في المائة من إجمالي عدد الشهداء في قطاع غزة، كما شكل كل من النساء والأطفال ما نسبته 70 في المائة من المفقودين في قطاع غزة، نتيجة العدوان الإسرائيلي، والبالغ عددهم 7000 شخص".