المهاتما غاندي : شخصًا استثنائيا فريد من نوعه في العالم كله ، السياس البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند ، محاميا هنديا بارعا بجداره في عمله الذي احبه في البداية ، وخبيرا في الاخلاقيات السياسية ، ملتزما بإيمانه بالمقاومة السلمية لتحقيق التغيير الايجابي والسياسي ، قاد حملات سلمية ضد الفقر وعدم المساواه بين الجنسين والاستعمار على الصعيد الوطني . كان رائدا " للساتياغراها " وهي مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل التي تاسست بقوة عقب اللاعنف الكامل والتي ادت الى استقلال الهند .
اسس لفكر سياسي جديد بعيدا عن العنف والتمييز بين الاشخاص قضى حياته في النضال ضد الاستعمار البريطاني لتحقيق استقلال بلاده عام 1947 ، كان رمزا عالميا للسلام والتسامح وتقدير مبدأ اللاعنف والتعليم والمساواه بين الجنسين الذي حظي بتقدير كبير في جميع انحاء العالم الذين احبوه .ودافع غاندي عن المرأة في السياسة ، وكانت رسالته هي لا يوجد طريق للسلام بل السلام هو الطريق .
عاش غاندي متواضعا في مجتمع يعيش على الاكتفاء الذاتي وارتدى الدوتي والشال الهنديين التقليديين وكان يأكل اكلا نباتيًا بسيطا وقام بالصيام لساعات طويلة كوسيلة للتنقية الذاتية اولا والاحتجاج الاجتماعي ثانيا .
حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة لندن واصبح عضوا في نقابة المحامين ، وفي اليوم الثاني ادرج اسمه في المحكمة العليا ، ثم عاد الى بلاده في العام نفسه فصعق بخبر وفاة والدته .
شكلت المرحلة التي عاشها سواء في بلاده او في انجلترا ثم في جنوب افريقيا فرصة بلور من خلالها فكرا سياسيا يقوم على محاربة العنف ونبذة مقابل اختيار السلم والسلام .
ففكره السياسي اضحى تجربة فريدة من نوعها، تحدثت بعض الدراسات في العلوم السياسية عن التجربة " الغاندية " التي تلتها فيما بعد المماثلة مثل تجربة نلسون مانديلا في جنوب افريقيا وتجربة مارتن لوثر كينغ في امريكا.
دافع عن الحقوق المدنيه ونبذ العنف بكافة اشكاله وانواعه والوانه ،من خلال الثلاثي " الشجاعه والحقيقة واللاعنف" وكان يؤمن دائما بأمكانه الحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي العميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادره على مواجهة هذا الخطر باللاعنف اولا شريطة ان يكون للخصم " ضمير " ثم ايمانه الثاني بالعنف اذا لم يوجد خيار اخر .
قضى غاندي عدة سنوات في السجن في كل من جنوب افريقيا والهند لقيادته حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر وزيادة حقوق المرأة وبناء وئام ديني ووطني وكان مدافعا صلبا عن التعايش السلمي وعدم التمييز والتعددية ووضع حدا للعنف الذي كان سائدا انذاك ، والاعتماد على الذات اقتصاديًا ، وقبل هذا وذاك كان يهدف الى تحقيق استقلال الهند من السيطرة الاجنبية.
ساهم غاندي في تأسيس صحيفة " الرأي الهندي " التي صدرت باللغة الانجليزية وبثلاث لغات اخرى وكتب فيها لعشر سنوات.
ثم بدأ غاندي تجربة نضالية من نوع خاص بدفاعه عن المسلمين ضد بعض المتعصبين من بني ديانته الهندوسية ونادي باحترام حقوقهم كباقي البشر ، فكان الثمن هو تعرضه للاغتيال من قبل احد المتعصبين الهندوس ، وشارك في جنازته ملايين من الهنود واصبح قبره قبله لرؤساء الدول والضيوف الذين يزورونه على هامش حضورهم المناسبات الهنديه.
نصب تمثاله في الساحات العامة لاكثر من 50 دوله وكان الاكثر شهره هو تمثال نصفي من البرونز للسيد المهاتما غاندي من اكبر تمثال في العالم بعد اهداءه للأمم المتحدة في نيويورك عام 2022 كتب في اسفله مقولته الشهيره " لا يوجد طريقة للسلام ، بل السلام هو الطريق .
وفي عام 2007 حددت الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها يوم ميلاد السيد غاندي في 2 أكتوبر باعتباره اليوم العالمي لنبذ العنف وهو يعد مناسبة للترويج لرسالة نبذ العنف من خلال التثقيف والتوعية العامة .
التاريخ يخلد الابطال ولكن غاندي ليس مجرد شخصية تاريخية تخلد ، بل لا يزال صدى افكاره وقيمه الحكيمة بما في ذلك إهتمامه بالعدالة والتحول الاجتماعي يتردد الى يومنا هذا .