في أول تجمع انتخابي له منذ نجاته من محاولة اغتيال، حذر المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب من "مذابح في الضواحي"، ووصف الرئيس جو بايدن بأنه "رجل مريض وضعيف وبائس"، وذلك رغم أنه كان قد وعد "بالوحدة" للولايات المتحدة في أعقاب إطلاق النار عليه في بنسلفانيا السبت الماضي، الأمر الذي صدم البلاد، وأدى إلى ارتفاع في دعم "ترامب" في استطلاعات الرأي.
وحث "ترامب" هذا الأسبوع مؤيديه على تخفيف حدة خطابهم، والتركيز على التوافق الوطني وسط سباق انتخابي أمريكي مثير للانقسام، ولكن في تجمع انتخابي في غراند رابيدز، ميشيغان، مساء أمس، عاد "ترامب" إلى أسلوبه القتالي المعتاد - ونبرته المظلمة في بعض الأحيان - وهاجم "اليسار الراديكالي الديمقراطي"، واتهم خصومه بـ"تزوير" الانتخابات ووصف "بايدن" بـ"الفاسد".
استئناف الادعاءات
واستفز "ترامب" نانسي بيلوسي، بشأن التقارير التي تفيد بأنها نصحت "بايدن" بالانسحاب من السباق الانتخابي، متهمًا إياها بالانقلاب على الرئيس "مثل الكلب"، وخلال خطاب مطول استمر لمدة ساعتين تقريبًا بدا أنه ارتجل معظمه، استأنف "ترامب" ادعاءاته بأن دول أمريكا الجنوبية والوسطى ترسل مجرميها إلى الولايات المتحدة، وقال ترامب: "إنهم يرسلون مجرميهم إلى الولايات المتحدة، ولن نسمح بذلك بعد الآن"، مما أثار تصفيق الحضور وقوفًا عندما وعد بتنفيذ "أكبر عملية ترحيل" في التاريخ، وفقاً لصحيفة "التلغراف" البريطانية.
وصعد "ترامب" إلى المسرح برفقة مرشحه لمنصب نائب الرئيس جيمس فانس، وظهر دون الضمادة الكبيرة البيضاء، التي كان يرتديها على أذنه في مؤتمر الحزب الجمهوري هذا الأسبوع، وبدلاً من ذلك كان يرتدي ضمادة صغيرة، وأعاد "ترامب" رواية قصة إصابته برصاصة توماس ماثيو كروكس.
وأطلق "ترامب" نكاتًا حول إطلاق النار، قائلاً: كيف أن المهاجرين أنقذوا حياته، مشيرًا إلى الرسم البياني للهجرة الذي نظر إليه في الثواني التي سبقت إطلاق النار عليه، واستغل هذه اللحظة للرد على تأكيدات الديمقراطيين بأنه يمثل تهديدًا للديمقراطية، وقال: "لقد تلقيت رصاصة من أجل الديمقراطية"، وسط تصفيق حار من الحضور، وأضاف: "لقد تلقيت رصاصة من مهاجر غير شرعي، والآن أنا ممتن جدًا لأنني أنقذت حياة الرئيس ترامب، لكنني أيضًا غاضب، غاضب جدا. كيف يمكن أن يحدث هذا في أمريكا؟ كيف يمكن أن يسمحوا بدخول هؤلاء الناس إلى بلدنا؟ يجب أن نبني الجدار، وعلينا أن نتخلص منهم جميعًا. إنهم يأتون إلى هنا ويأخذون وظائفنا، والآن يحاولون قتل رئيسنا العظيم".
وتعرض "ترامب" لانتقادات شديدة خلال فترة رئاسته؛ بسبب سياساته الصارمة تجاه الهجرة، بما في ذلك الفصل المثير للجدل لأطفال المهاجرين عن عائلاتهم عند الحدود، لكن محاولة الاغتيال، التي تعرض لها قد غيرت ديناميكية السباق الرئاسي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاعًا في دعم "ترامب"، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان.
ردود متباينة
واستغل "ترامب" هذا الزخم في تجمعه السبت، حيث هاجم سجل "بايدن" كنائب للرئيس باراك أوباما، واتهمه بالضعف في التعامل مع قضايا مثل الهجرة والجريمة، وقال "ترامب": "إن بايدن ضعيف، إنه دمية في يد اليسار الراديكالي. إنه لا يستطيع السيطرة على بلدنا ولا يمكنه حماية عائلاتنا"، مضيفاً: "لكنني سأخبركم بما يمكنني فعله. سأعيد أمريكا إلى عظمتها، وسنحافظ على سلامتكم وسنحمي وظائفكم وسنحمي مستقبلنا معًا، سنقوم ببناء أمريكا أكثر أمانًا وأقوى من أي وقت مضى".
وأثارت خطاب "ترامب" ردود فعل متباينة، حيث أشاد به مؤيدوه على وسائل التواصل الاجتماعي لموقفه القوي، في حين انتقده آخرون لاستخدامه الخطاب التحريضي والانقسامي، ومع اقتراب موعد الانتخابات في نوفمبر، من المتوقع أن يحتدم السباق الرئاسي أكثر، حيث يسعى كلا المرشحين إلى حشد الدعم والفوز بأصوات الناخبين المترددين.
ومع ذلك، فإن محاولة الاغتيال التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي تخدم كتذكير صارخ بالمخاطر التي ينطوي عليها المنصب، والطبيعة المستقطبة للسياسة الأمريكية الحديثة، ففي حين أن الكثيرين قد رحبوا برسالة الوحدة، التي أعقبت إطلاق النار، إلا أن خطاب "ترامب" الناري السبت يدل على أن حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ستكون معركة شرسة ومريرة حتى النهاية.
ووعد كلا المرشحين بإحداث تغيير، وتحسين حياة الأمريكيين، لكن السؤال الذي يبقى في أذهان الكثيرين هو ما إذا كانت السياسة الأمريكية يمكن أن تتحدى الانقسامات الحزبية وتجد أرضية مشتركة من أجل مصلحة البلاد؟ ومع استمرار الحملة الانتخابية، سيترقب العالم عن كثب لمعرفة ما إذا كان "ترامب" يمكن أن يحشد الدعم الكافي للفوز بفترة ولاية ثانية، أو ما إذا كان "بايدن" سيتمكن من الاستفادة من الزخم والحصول على المفتاح إلى البيت الأبيض؟ ومهما كانت النتيجة، فإن الأشهر القادمة ستشكل مستقبل أمريكا، وستكون لها آثار بعيدة المدى على المشهد السياسي العالمي.