بقلم: د. سهام الخفش
مفهوم جديد يكتسب زخماً في ظل الأوضاع الراهنة بعد الحرب الهمجية على غزة وسياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل بغطرسة وجُرم ضد الشعب الغزاوي الصامد، الذي فقد كل مقومات الحياة الإنسانية. فقد أصبحت فكرة المقاطعة تتغلغل في عقول الصغار قبل الكبار؛ فعلى الرغم من حب الأطفال لبعض الحلويات، فإنهم يجدون أنفسهم يترددون في تناولها ويقولون بصوت عالٍ "هذه مقاطعة"، بما في ذلك أحفادي وغيرهم من الصغار. هذا السلوك لم يظهر من فراغ، بل هو نتيجة ما يسمعه الصغار من الكبار وما يُغرس في أذهانهم من ثقافة المقاطعة.
تعتبر ثقافة المقاطعة من الأدوات الفعالة التي يمكن أن يلجأ إليها الأفراد والجماعات للتعبير عن القيم والمبادئ ورفضهم لسياسات أو ممارسات معينة، أو لدعم قضايا اجتماعية، اقتصادية، أو سياسية. على الرغم من أن المقاطعة قد تُفهم أحياناً على أنها مجرد أداة للضغط، فإنها تحمل في طياتها أبعاداً أعمق تتعلق بالمبادئ والقيم والمشاركة المجتمعية.
وتعتبر أداة فعالة للضغط وخاصة عندما يتزايد عدد الأفراد أو الجماعات الذين يشاركون في المقاطعة، يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير على الجهة المعنية بالمقاطعة. . تاريخياً، أثبتت المقاطعة أنها أداة فعالة في الضغط على الحكومات والشركات لتغيير سياساتها. على سبيل المثال، الحملة العالمية لمقاطعة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أسهمت بشكل كبير في إنهاء نظام الفصل العنصري
إليك نظرة سريعة إلى تأثير المقاطعة على إسرائيل خلال حرب غزة الحالية في عام 2024
- الضغط الدولي:
المقاطعة تزيد من الضغط الدولي على إسرائيل. خلال النزاع الحالي، نجد أن العديد من الدول والحكومات والمنظمات الدولية قد دعت إلى وقف إطلاق النار واحتواء التصعيد. فالمقاطعة تعكس استياء المجتمع الدولي من السياسات الإسرائيلية وتدفع الدول إلى اتخاذ مواقف أكثر انتقادًا تجاه تصرفات إسرائيل في غزة.
الضغط الاقتصادي:
الاستثمار والتجارة: المقاطعة أدت إلى تراجع في الاستثمارات الأجنبية والشراكات التجارية، مما يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي. الشركات العالمية قد تعيد تقييم علاقاتها التجارية مع إسرائيل لتجنب تداعيات المقاطعة.
حيث تضررت عدة شركات جراء حملات المقاطعة كان أبرزها مجموعة ستاربكس التي تكبدت خسائر فيمتها السوقية ناهزت 11 مليار دولار، ومطاعم ماكدونالدز الفرنسية، ثم شركات أدوية ومنظفات ...الخ
- السياحة: تأثرت السياحة في إسرائيل بشكل كبير بسبب عوامل متعددة تشمل الأوضاع الأمنية والاقتصادية والتطورات السياسية.
- الشرعية السياسية:
المقاطعة تلعب دورًا في التأثير على الشرعية السياسية لإسرائيل على الساحة الدولية. الحملات الإعلامية والمقاطعة الأكاديمية والثقافية تعزز من صورة إسرائيل كدولة منبوذة دوليًا، مما يزيد من الضغط على حكومتها لتغيير سياساتها.
المقاطعة الثقافية والأكاديمية:
الجامعات والمراكز الثقافية الدولية قد تقوم بإلغاء الفعاليات أو التعاونيات الأكاديمية مع المؤسسات الإسرائيلية، مما يعزل إسرائيل أكاديميًا وثقافيًا عن الساحة الدولية.
- تأثير على الشركات العالمية:
بعض الشركات العالمية التي لديها علاقات تجارية مع إسرائيل قد تتعرض لضغوط من زبائنها والمجتمع الدولي لمراجعة هذه العلاقات أو إنهائها. وهذا يمكن أن يسبب مشاكل اقتصادية لإسرائيل إذا ما قررت هذه الشركات وقف تعاملاتها أو سحب استثماراتها.
بوجه عام، يجب علينا تبني ثقافة المقاطعة طالما أن هذا الاحتلال الهمجي يواصل قتل الأبرياء وسفك الدماء واغتصاب الأرض. هذا العدو لا يفهم سوى لغة القوة والمصالح، لذا إذا لم نتمكن من حمل السلاح، فعلينا على الأقل أن نقوم بالمقاطعة.