ركزت صحيفة هآرتس العبرية في تقرير لها على تغطية قناة العربية للأحداث في غزة، مشيرة إلى أن "القناة تتبع سياسة تحريرية تهدف إلى منع تشكيل وعي عربي يعتقد بأن حماس تحقق انتصارات على إسرائيل".
ووفق هآرتس يأتي هذا في إطار "جهود قناة العربية لتقديم نفسها كمنصة إعلامية بديلة عن الأصوات المعادية لإسرائيل في المنطقة، مثل قناة الجزيرة".
لذلك يطلق النشطاء عبر الفضاء الرقمي، على "العربية" اسم قناة "العبرية" لتبنيها المطلق للرواية الإسرائيلية حول مجريات الأحداث في الحرب التطهيرية ضد غزة، والوقوف مع الجاني ضد الضحية.
وهذا من شأنه أن يفسر استضافة العربية عبر شاشتها -إلى جانب قناة الحدث التابعة لها- كل من يعادي المقاومة سواء كانوا ضيوفاً من المطبعين العرب، أو إسرائيليين متطرفين أو فلسطينيين مطبعين وأكثرهم ينتمون لحركة فتح من التابعين لسلطة العار (أوسلو)- إلا من رحم ربي- من أجل بناء رواية مساندة هشة للسردية الإسرائيلية المنبوذة عالمياً.
يحدث هذا بهدف تعزيز وعي إنهزامي يأنف المقاومة ويتقبل الاحتلال الذي ينتهك الأوطان والأعراض بمساندة الذباب الإلكتروني التابع للوحدة 8200 التابعة للشاباك الإسرائيلي والذي صادرت حماس وثائقها خلال اقتحام مركزها القيادي عند معبر بيت حانون الشمالي في غزة خلال عملية طوفان الأقصى قبل عام، فيما قصف حزب الله مركز الوحدة القيادي السّرّي في تل أبيب قبل أسابيع.
لكن هذا المشروع الإعلامي المتصهين سيبدو أقل فاعلية بكثير من نظيره الداعم للمقاومة ضمن وحدة الساحات، من حيث الموضوعية الجادة والالتزام بالمهنية الإعلامية، وإماطة اللثام -تحت هذا المفهوم- عن جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية، بالصوت والصورة، والتحليل الموضوعي من قبل خبراء عسكريين وسياسيين مشهود لهم بالثقافة العالية والنزاهة.
هذا المشروع الذي تتبناه قنوات عربية أهمها: الجزيرة بشقيها العربي والإنجليزي ، والميادين وتلفزيون العربي (التابع لمجموعة فضاءات ميديا)، إلى جانب النشطاء الذين يجتهدون في تعرية الاحتلال وفضح جرائمه من خلال نشر فيديوهاتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية.
وتجدر الإشارة إلى أن الأضاليل الإسرائيلية لم تعد قادرة على دحض السردية الفلسطينية التي اكتسحت العالم من خلال الفضاء الرقمي الذي بات يشكل مصدراً مباشراً للمعلومات الموثقة التي عرّت السردية الإسرائيلية من مضمونها المزيف.
وهذا يتوافق مع ما قالته القناة 12 الإسرائيلية بأن تحليلاً أجرته شركة "ميغ أي آي” كشف عن "صورة قاتمة” وهي أن الأغلبية المطلقة للمنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي والمقالات في وسائل الإعلام الدولية الكبرى هي ضد "إسرائيل”. وهي رسالة إعلامية من المفروض أن يلتقطها القائمون على قناة العربية كي يستخلصوا الدروس والعبر.
وهذا الطغيان الإعلامي الكاسح المساند للقضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر وحرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" على غزة، أدّى إلى حصار الاحتلال وعزله على صعيد عالمي، لا بل وغيّر المزاج العالمي لصالح غزة، من خلال الدعوة المتصاعدة لإنهاء حرب الإبادة على الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية.
ناهيك عن التأثير على مجريات الانتخابات في بريطانيا بين حزبيّ العمال والمحافظين التي انتهت بفوز حزب العمال في يوليو 2024 الذي استجاب لمطالب المتظاهرين فيما يتعلق بتقليص تزويد الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح. وفي الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجارية، فقد أدت الاحتجاجات المناصرة لغزة إلى إطلاق كاميلا هاريس لوعود استثنائية مفاجئة أثناء لقائها بنتياهو بعد إلقائه خطابه الهزيل في الكونغريس بدعوة من الجمهوريين، قائلة: "التزامي راسخ تجاه إسرائيل وحان الوقت لتنتهي حرب غزة".
طبعاً إذا فازت بالانتخابات الرئاسية عن الديمقراطيين.
وعلى صعيد عربي تسببت أحداث غزة وتداعياتها العربية بفوز كبير للإخوان المسلمين في الانتخابات الأردنية.
هذا إذا أخذنا في الاعتبار تلك المظاهرات والاحتجاجات التي عمّت أكبر المدن الأوروبية وجامعاتها للمطالبة بإيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين. وتسببت بتجريم الاحتلال على صعيديّ محكمة الجنايات والعدل الدوليتين.
والأهم أن أيقونة غزة التي غيرت العالم، انتزعت اعترافاً دولياً كاسحاً بحقوق الفلسطينيين بدولة مستقلة من خلال قرار الجمعية العامة للأُمَم المتحدة في يوم 10 مايو 2024 بانضمام فلسطين بصفتها دولة في الأمم المتحدة. وفي المقابل، اعترفت 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأُمم المتحدة بدولة فلسطين دولةً ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وذلك اعتبارًا من مايو 2024.
وإزاء هذا الانقلاب العالمي لصالح القضية الفلسطينية، تصر قناة العربية على نهجها المكشوف المناصر للسردية الإسرائيلية كونها تساعد على منع تشكل وعي إسلامي متكامل مساند لمبدأ الجهاد وقد حقق معجزة غزة التي غيرت العالم باقتدار . فأنعم وأكرم