يتطلب الحفاظ على اللغة العربية تصعيد البحث الجاد في مستقبلها، وتوجيه كتاب الرسائل العلمية من طلاب الدراسات العليا في حقل اللسانيات إلى مبحث التخطيط اللغوي، وهو مبحث ذو صلة بتمثل السياسات اللغوية الرسمية ووضعها موضع التطبيق، وتلك مسألة على درجة كبيرة من الأهمية؛ فهي تعكس الطموحات العامة نحو مستقبل آمن للغة يخدم وحدة اللسان، وتماسك المجتمعات، وبناء الهوية، دون أن يقف في وجه التطور اللغوي الطبيعي... أعتقد أن مجمع اللغة العربية والقائمين عليه من علماء وباحثين أفذاذ يدركون أهمية ذلك، ولابد من جهد وطني منظم تحتل فيه أقسام اللغة العربية في الجامعات دورا طليعيا منفتحا على جهود شقيقاتها من الجامعات العربية المرموقة لتشكيل تحالف علمي عريض؛ إذ يتوقف على هذا الدور مستقبل اللغة، ومن ثم سيرورة الاجتماع، وطبيعة الهوية في المديين المتوسط والبعيد،وأشكال المدونات القادمة، في ضوء مزاحمة العامية الفصحى، ليس في المحادثة في قاعات الدرس فحسب، بل في تسللها أيضا إلى الحرف المكتوب.