تتجلى دروس الحياة في كل زاوية نمر بها، ومن بين أعظم هذه الدروس مفهوم "فاقد الشيء يعطيه". في حياتنا، نجد أن التجارب القاسية والفقد تجعلنا نعيد التفكير في قيمتنا ومعناها. فعندما نفقد شيئًا عزيزًا، سواء كان إنسانًا أو حلمًا أو حتى فرصة، يتجلى لنا المعنى الحقيقي للتعاطف والإحساس بالآخرين.
بس لو نفكر شوي ندرك إن الفقد يفتح أبوابًا جديدة في نفوسنا. عندما نفقد شخصًا قريبًا، نشعر بألم عميق، لكن هذا الألم يمكن أن يتحول إلى قوة دافعة تدفعنا لتقدير العلاقات الأخرى، ولنعطي من أنفسنا بشكل أكبر. يقول الشاعر محمود درويش: "أنا من هنا، وأنت من هناك، ولكننا نشترك في الفقد." قولوا يعكس لنا كيف أن تجربة الفقد وتخلق روابط بين البشر، تجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم.
علماً بأن الأمثل توضح الحقائق في الأزمات الإنسانية، نجد أن المجتمعات تتجلى فيها أروع صور الإنسانية. بعد الزلازل أو الكوارث، يتجلى الفقد كدافع قوي للتعاطف، كا الزلزال المدمر في تركيا عام 2023، توافد المتطوعون من مختلف أنحاء العالم لتقديم الدعم والمساعدة. أولئك الذين فقدوا منازلهم وأحباءهم، أصبحوا هم من يمدون يد العون للآخرين. العديد من الناجين، رغم آلامهم، قاموا بجمع التبرعات كل ما يخطر في البال على المتضررين، مما يظهر كيف أن الفقد يمكن أن يحول الألم إلى قوة تمنح الأمل للآخرين.
وبالإضافة يمكننا أن نستشهد بحالة معروفة، "قصة الناشط الأمريكي "جيمي فالس"، الذي فقد عائلته في حادث سيارة. بدلاً من الانغماس في حزنه، أسس منظمة غير ربحية تهدف إلى زيادة الوعي حول سلامة الطرق. الفقد الذي عاشه جعله يحول معاناته إلى رسالة أمل، وعمل على إنقاذ حياة الآخرين.
الفقد يعلمنا أيضًا أهمية التعاطف. عندما نفقد شيئًا، نكتسب القدرة على فهم معاناة الآخرين. هذه القدرة تمنحنا القوة لنكون أفضل، ليس فقط لأنفسنا، بل أيضًا للآخرين. عندما نفتح قلوبنا للتعاطف، نمنح أنفسنا الفرصة لنكون مصدر دعم لمن حولنا. كما قال الفيلسوف الهندي غاندي: "أكون التغيير الذي أريد أن أراه في العالم". إن إدراكنا للفقد يساعدنا في تقديم المساندة، فيصبح الفقد سببًا لتحقيق الأمل.
إن دروس الفقد ليست مجرد كلمات تقال، بل تجارب نعيشها. فاقد الشيء يعطيه لا تعني فقط العطاء من الذاكرة، بل هي دعوة للعيش بسلام وتعاطف. لنحافظ على الروابط الإنسانية، ولنعتبر أن كل فقد هو فرصة لنمنح ونشارك ما لدينا مع الآخرين. فالعالم يحتاج إلى القلوب الرحيمة، والأيادي التي تمتد للعطاء، خاصة في أوقات الشدة. لنكن دائمًا ممن يقدمون الدعم، فالذي فقد شيئًا عزيزًا يمكن أن يصبح مصدر إلهام لمن حوله، ويجعل من آلامه درسًا للجميع.