اتهمهُ خصومه من الساسة الدوليين عامة والسياسيون في لبنان خاصة بالارتهان لإيران والتحكم بقرار السلم والحرب في بلد مُهمش للحكومة اللبنانية الضعيفة، متمتعاً بكاريزما وتأثير شعبي وقدرة على توجيه الجمهور وتعبئته، لكن مع دخول لاعبين جدد في الصراعات الإقليمية بعد مصرعه على يد الاحتلال الإسرائيلي في ضربة قاصمة للحزب وإيران وحرسه الثوري وحوثي اليمن ومن تبعهم بأي مكان بالعالم، مما قد تكون نقطة تحول إقليمي كبيرة، مما قد يجبر إيران على التهدئة، لكن مع تصاعد التصعيد، تزداد المخاوف من حرب شاملة قد تنجر إليها الولايات المتحدة مع إسرائيل وحُلفائها، وبالتالي فأي خليفة لنصرالله سيقابل تحديات كبيرة في الحفاظ على مكانة "حزب الله" في "محور المقاومة"، أي بمعنى الموت البطيء للحزب كأي مقاومة، إلا إذا كان قادة الحزب متفقين على رجل واحد ونظام سري مُتبع لا حياد عنه، كللتها بالسيطرة على دول أرهقتها الحروب ببلاد الشام من سوريا والعراق للبنان واليمن البعيد، ولعل الأيام ستكون كفيلة بالإجابة عن ذلك.
رجل مُعمم غزا الشيب لحيته الكثيفة، راح في غارة من غارات جوية عشوائية الضربات كما يحدثُ غي غزة الميتة، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، نفذتها الوحدة 119 في سلاح الجو الإسرائيلي، بواسطة طائرات "أف-35" باستخدام نحو 10 قنابل خارقة للتحصينات من نوع MK84، تزن الواحدة 2000 رطل وقادرة على اختراق التحصينات بعمق يراوح ما بين 50 إلى 70 متراً تحت الأرض، حيث كان المقر الرئيس لـ"حزب الله" في الطابق 14 تحت الأرض، وليس أمام إيران سوى خيار الموافقة على شروط التهدئة الأميركية - الفرنسية لوقف إطلاق النار، حيثُ كان نصرالله الوحيد الذي رفض ذلك، وبغيابه تكون إيران مجبرة على التسوية".. أما أميركا المتصابية في صورة -شمطاء رعناء- فمخاوفها متفرع ل "سيناريوهين"، الأول "نهاية لخطر"، والثاني "أهون لصون كرامتها" فالأول يفتح أطراف جبهات عدة جديدة ضد إسرائيل من خلال تكثيف الحوثيين والميليشيات العراقية عملياتهم، وتصعيد مسلح للحزب في الجولان، والثاني أمل قد يكون لكن بنسبة 30 % بخيار عدم التصعيد، لاسيما أن قرار الحرب المنفرد في الساعات الأخيرة تؤشر بما لا يقبل الشك بأنه خلق قناعة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن طهران لن تفعل شيئاً أكثر من الدعم اللوجيستي والإدانة، لمقتل رجل وصفه مُتابعوه بأنهُ حاد الذكاء ومتبحراً لا سيما في الشؤون الدينية والسياسية. وهو خطيب مفوه وفصيح قادر على التحدث لوقت طويل من دون أن يتردد أو يتلعثم.. ولم يتعد عدد المرات التي ظهر فيها حسن نصرالله علناً أصابع اليد الواحدة، باستثناء الظهور الجلل له والمُفاجئ للآلاف من أنصاره عام 2011، خلال مسيرة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت ومشى بينهم لدقائق قليلة، معلناً فيهم عبر شاشة عملاقة تتعلق أنظارهم به ويقاطعونه بالتصفيق والهتاف "لبيك نصرالله": (إن حزبه "يزداد تسليحاً وتدريباً يوماً بعد يوم"، و"المقاومة ستبقى وتستمر" في وجه إسرائيل).
أما خصومه فينتقدون لهجة التحدي التي يتكلم بها، والتي تقترن غالباً برفع سبابته اليمنى، ويعدونها ترهيباً للداخل اللبناني، ولعل عدم التصعيد من قبل حزب الله سيستغله نتنياهو لارتكاب مزيد من الهجمات ضد اللبنانيين، كما هو الحال في غزة وأراضيها مما قد يؤدي إلى تطورات دراماتيكية على العمق الإسرائيلي.. حيث بدا للعلن أن نتنياهو يريد حرباً شاملة في المنطقة تؤدي إلى جر إيران والولايات المتحدة الأميركية إليها، لكن هل تستطيع الأخيرة في ظل ضعفها الداخلي لاسيما مع الانتخابات القادمة وسياسة الإدارة الأمريكية الحالية المترهلة، تقويض قدرات "حزب الله" العسكرية والقيادية؟، وهل يمكن القول أن تغيير الشرق الأوسط... سيبدأ من لبنان؟.. سنعرف ما هو قادم!!. @drIbrahimgalal