أُتابع أو تفرض علي إعلانات تسويقية في السوشال ميديا من بعض الفتيات والشباب لا أعرف من أين خرجوا علي.. (طبعا ليس الجميع...فمنهم راقي ومرتب ومقنع)...، فبعضهم يروجون للمنتجات كأنهم أرباب الذوق الرفيع، يجلسون أمام الكاميرات ليقولوا بثقة زائفة لا تخلو من عقد نفسية أو همجية في الطرح : "أنا جربت هذا المنتج، إنه رائع، أنصحكم به." أو حتى الأسوأ : "أنا أخذته لبيتي، يجب أن تجربوه!" وها هنا السؤال : من تكون أنت حتى نقلدك؟ من قال إن ذوقك المتواضع يعجبنا جميعًا أو أنه المعيار الذي يجب أن نتبعه؟
لنتحدث بوضوح : ذوقك وثقافتك لا يعنيان شيئاً لبقية الناس... ولا يعني أن ما يعجبك أنت سيعجب الآخرين... هل تعتقد حقاً أن اختياراتك في الطعام، الملابس، أو الأجهزة المنزلية...الخ تمثل ذوقاً عالمياً يتماشى مع الجميع؟ نحن مختلفون، ولنا ذوقنا الشخصي الخاص.
ترويجك المستمر للمنتجات، وكأنك حكمٌ على الجودة، لا يُظهر إلا فراغاً كبيراً في تقديرك لاختلاف الأذواق. فذوقك ليس معياراً للصواب، وربما، فقط ربما، ذوقك سيء للغاية وأنت تختار الأسوأ، وتفرضه علينا وكأنه قمة الجمال والرفاهية.
الحقيقة أن ذوقك لا يعني أنك شخص مميز يجب أن يُقلده الجميع... بل يمكن أن يكون بعيدًا كل البعد عن التميّز والجودة، وحتى عن الذوق السليم... يا اخي من أنت حتى تعتقد أن الآخرين يجب أن يسيروا على خطاك؟ من أعطاك السلطة لتقرر للآخرين ما يجب أن يعجبهم وما يجب أن يتجاهلوه؟ قد يكون ما تراه ممتازاً في عينيك، محض هراء أو منتج رخيص في عيون غيرك.
إن اعتقادك بأن ما يعجبك يجب أن يعجب الجميع ليس سوى جهل صارخ بالتنوع البشري... والأذواق تختلف، وهذه هي طبيعة الحياة... فدعنا نعيش بحرية، دون أن نشعر بأن هناك من يفرض علينا اختياراته الشخصية.
في النهاية، توقف عن فرض ذوقك الشخصي علينا... فكلنا نعرف أن هذا ليس إلا تسويقًا مبطنًا ومحاولة فاشلة لجعلنا نقع في فخ الاستهلاك... دع الناس تختار ما يناسبها بناءً على تجربتها واحتياجاتها، وليس بناءً على رأي شخص يعتقد أنه "مميز"... والبعض منكم حركاته وألفاظه ولغة جسده و(هيته) و(زوله) وتركيبته ...تجعلني أنفر من المنتج وما يعرضه وأتوجس ريبة من كلاهما...لأن لي حس أمني عالي...وسلامة فهمكوا أعزائي القراء الكرام ...وللحديث بقية..