عندما نتحدث عن الإعلام فنحن بكل بساطة نتحدث عن أهم وظيفة له وهي نقل الأخبار أو الأحداث بكافة أشكالها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.... وغيرها، والتي تهم الناس بمختلف مستوياتهم وثقافاتهم، وقد إصبح ذلك سهلاً في ظل التطور التكنولوجي الذي جعل العالم كما نعرف قرية صغيرة حيث تطورت وسائل إيصال الأخبار والمعلومات ابتداءاً من الصحف الورقية والراديو إلى التلفاز بقنواته المحلية والهاتف السلكي ثم بعد ذلك إلى الفضائيات وقنواتها وصولاً إلى ما يسمى بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت)عن طريق حواضن لها كالحواسيب والهواتف الذكية وما فيها من برامج توفرلنا أي معلومة بثوانٍ قليلة، كما أنها توفر تطبيقات لوسائل التواصل الاجتماعي التي ترجمة مقولة أن العالم بالفعل أصبح قرية صغيرة فالأخبار تصلنا لحظة بلحظة من خلال هذا الهاتف الصغير(الموبايل) الذي تحمله في جيبك والذي وفّر لك التواصل مع أي شخص في أي بقعة من العالم أو الحصول على أي معلومة أو مشاهدة ومتابعة أي حدث بعيداً عنك كان أم قريب خلال ثوانٍ عبر هذا الجهاز الذي أصبح من ضروريات الحياة ويمتلكه كل فرد (كبيراً أوصغير، فقيراً أوغني) وأعتقد أن ما يزيد عن 70% من مجتمعنا الأردني يمتلكون هذه الأجهزة وخاصة الذكية منها.
وكما نعلم فإن للإعلام أهمية كبيرة قد تضاهي بأهميتها دور الأسرة والمدرسة في صياغة العقول وبث الوعي وبناء الأفكار وزرع القيم وإيجاد الرؤى والتصورات وتوجيه الرأي العام؛ إذا ما تم إدارته بحيادية وكفاءة، لذا، وفي ظل تطور التكنولوجيا المتسارع ووجودها في متناول يد الجميع ورخص خدمة الانترنت، ومجانية المشاركة في خدمات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك وما يوفره من بث حي مجاني فقد أصبح من الممكن نقل الحدث فور حدوثه بصورة تضاهي أعرق القنوات الفضائية.. ونحن كمجتمع أردني كغيرنا من الشعوب فإن السواد الأعظم منا يستقي المعلومات والأخبار من هواتفهم الذكية وبخاصة الإعلام الشعبي غير المنظم الذي أصبح متاحاً للجميع، وأصبح مصدّق لدى غالبية الناس أكثر من الإعلام الحكومي لنقله الخبر كما هو.
وفي ظل بحث الإنسان الدائم عن الحقيقة في زمن أصبح فيه الحليم حيران وكثرة وتعدد مصادر المعلومة، فقد ظهر في السنوات العشر الأخيرة ما يسمى بالإعلام الشعبي إن جاز التعبير ومعظمه إعلام غير مرخص يديره أشخاص غير متخصصين أو مؤهلين أو لديهم دورات في الإعلام، وأقرب ما يجب أن يطلق عليهم بأنهم ناشطون وليس إعلاميون أو صحفيون، ومع تقديرنا للجهود التي يقدمها لنا هؤلاء الناشطين عبر هذا النوع من الإعلام الذي تثار عليه العديد من التساؤلات في تطبيقهم لرسالة الإعلام وقدسيتها وحيادية ومصداقية الخبر فلا يكفي أن نعتمد على أن الصورة تتحدث أو أن الصورة تنقل الخبر بل أننا نحتاج من هم متخصصين ولديهم المهارة في التحليل والتنبؤ والخبرة الشاملة وقراءة ما وراء الخبر، فهل يمتلك الإعلام الشعبي الحيادية والإيمان برسالة وقدسية الإعلام، وأن الإعلام رسالة أكثر منه وسيلة للتكسب والظهور والشهرة وزيادة في عدد المتابعين والإعجابات؟؟.