بعد صدور الإرادة الملكية السامية لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، بتكليف دولة الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة، تأتي هذه المرحلة كفرصة تاريخية لتجسيد الرؤية الملكية على أرض الواقع. إن توجيهات جلالة الملك واضحة وصريحة بضرورة الاهتمام بالمواطن، ومحاربة الفقر، واستغلال الفرص الاستثمارية الإيجابية، وتعزيز الأمن الغذائي، والنزول إلى الميدان، وهي محاور أساسية يجب أن تكون في صلب أولويات الحكومة الجديدة.
أولاً: المواطن محور الاهتمام
إن توجيه جلالة الملك للتركيز على تحسين أوضاع المواطن يعكس إيمانه الراسخ بأن التنمية الحقيقية تبدأ بتحسين حياة الناس. وهذا يتطلب من الحكومة الجديدة أن تكون قريبة من هموم المواطنين وملامسة قضاياهم اليومية، من خلال إطلاق برامج تنموية فعّالة تلامس حياة المواطنين وتحقق لهم مستوى معيشيًا لائقًا. يتعين على الوزراء وكبار المسؤولين النزول إلى الميدان والاطلاع على واقع الحال، فالمعرفة الميدانية هي المفتاح لفهم طبيعة التحديات التي تواجهها المجتمعات المحلية، خاصة في المناطق النائية والأقل حظًا.
ثانيًا: محاربة الفقر وتوفير فرص العمل
إن محاربة الفقر تتطلب استراتيجية شاملة تعتمد على تمكين الفئات الأقل دخلاً وتوفير فرص عمل مستدامة. هنا تبرز أهمية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي تسهم في توليد الوظائف، مثل الصناعة والزراعة والسياحة. كما أن تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع مكتسبات التنمية بشكل عادل بين المحافظات، سيساهم في تضييق الفجوة الاقتصادية ويعزز الاستقرار الاجتماعي.
ثالثًا: استغلال الاستثمار الإيجابي
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة، فإن استغلال الفرص الاستثمارية بشكل إيجابي هو الحل الأمثل لتعزيز النمو الاقتصادي. على الحكومة الجديدة أن تركز على جذب الاستثمارات النوعية التي تخلق فرص عمل وتساهم في نقل التكنولوجيا، مما يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني. يتطلب هذا الأمر توفير بيئة استثمارية جاذبة تتسم بالشفافية، وتحسين التشريعات وتبسيط الإجراءات، إضافة إلى فتح قنوات تواصل فعّالة مع المستثمرين المحليين والدوليين.
رابعًا: تعزيز الأمن الغذائي
من التحديات التي أكد جلالة الملك على ضرورة التعامل معها بجدية هو تعزيز الأمن الغذائي. إن الأزمة الغذائية العالمية وتداعيات التغير المناخي تفرض على الحكومة وضع سياسات طويلة الأمد لزيادة الإنتاج المحلي، وتطوير القطاع الزراعي، ودعم المزارعين، وتشجيع استخدام التقنيات الزراعية الحديثة. لا بد من التركيز على إيجاد حلول مبتكرة مثل تطوير الزراعة المائية، وتوسيع استخدام الطاقة المتجددة في المشاريع الزراعية.
خامسًا: النزول إلى الميدان والقيادة من موقع الحدث
لقد شدد جلالة الملك على ضرورة النزول إلى الميدان، وهي دعوة صريحة للحكومة للابتعاد عن المكاتب والنظريات، والانخراط في العمل الميداني. فالوزراء والمسؤولون يجب أن يكونوا على اتصال مباشر بالمواطنين، يتابعون سير المشاريع، ويشرفون على تنفيذ الخطط بشكل عملي. القيادة الفعّالة تأتي من فهم الواقع والاستماع المباشر للناس وتلبية احتياجاتهم.
إن المرحلة القادمة تتطلب من حكومة دولة الدكتور جعفر حسان نهجًا جديدًا في العمل، يعتمد على تفعيل الرؤية الملكية بتصميم وإرادة، ووضع الخطط التنفيذية موضع التطبيق. المواطن ينتظر الكثير، والطموحات كبيرة، لكننا نثق أن العمل الجاد والتفاني سيحقق نتائج إيجابية تلبي تطلعات الشعب وتنهض بالوطن.
حفظ الله الأردن وأهله، وسدد على طريق الخير خطى قيادته وحكومته الرشيدة.