بداية لابد أن نقدم التحية إلى كل من جاد بروحه ودمه مدافعا عن أرضه وعرضه ، قدم روحه طواعية حسبة لله ونصرة لدينه ورفعة لوطنه
ضحى من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا ، من أجل أن ترفع رايات أوطانهم عالية خفاقة في ربوع العالمين ، فتحية إجلال وتقدير لهذه الدماء الزكية التي روت الأراضي والتي ستشهد لهم أمام الله تعالى.
يقول الله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
نعم الشهداء أحباب الله تعالى ، اختارهم واصطفاهم للشهادة زودا ودفاعا عن دينه ، فمنزلتهم عظيمة عند الله ، أحياء يرزقون منعمين بالفردوس الأعلى من الجنة مع من
(أولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)
ولولا عظم هذه المنزلة ما كان طلبها النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل في سبيل الله فيقتل فيلقى الله شهيدا ولما طلبها الصحابة رضى الله عنهم ولما اخلصوا في طلبها فها هو الصحابي يقول للنبي ما على هذا اتبعناك يا رسول الله يقصد على متاع الدنيا وإنما على أن أرمى بسهم ها هنا فألقى الله شهيدا ، ولنا في أبطال بدر ومؤتة واليرموك والقادسية وعين جالوت وحطين وشهداء أكتوبر العظيم المثل الأعلى.
فها هو عبد الله بن جابر الذي استشهد والده وترك أبناء صغار وديون ، يقول عبد الله يا رسول الله استشهد أبي وترك لي هذا الميراث الثقيل ، فيقول النبي والله يا عبد الله إني لأسمع حوار أبيك مع الله وهو يوضح له فضل الشهادة فيتمنى أن يعود إلى الدنيا مرة أخرى فيقتل في سبيل الله تعالى.
وإن الشهداء كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أرواحهم في حواصل طير خضر محلقين في الجنان يتنعمون.
ليس هذا وحسب بل ودمائهم تعدل مداد العلماء لفضلهم ولمنزلتهم.
ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، من خرج في سبيل الله فقتل فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون وطنه مدافعا عنه فهو شهيد.
يقول تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)
وإذا كنا نتحدث عن منزلة وفضل الشهداء فحقيق علينا أن نلفت الأنظار إلى شهداءنا الأبرار
فإن الكلمات لتعجز عن وصف ما يحدث بل ومحابر أقلامنا أصبح مدادها دماء الشهداء. حوادث قتل وسفك للدماء هنا وهناك في كل يوم نسمع أخبار مؤسفة،أرهاب غاشم يحصد أرواح المرابطين المجاهدين حماة الأوطان الخطب جلل والفاجعة والمصيبة أجل.
وكيف لا وخيرة شبابنا وفلذات أكبادنا تروي دماؤهم الطاهرة بأيد عاهرة، تروي دماؤهم الأرض، ولكن الأرض لا و لن تشرب الدماء ولا لن نبكي وننتحب كالنساء وإن كان البكاء جد مباح، لكننا والله رجال ومن استشهدوا رجال من أصلاب رجال أي وربي ومن أطهر الأرحام.
سبحانك ربي أي دين يدين به هؤلاء أي دين يبيح القتل وسفك الدماء أي فكر اعتنقوه وأي فتوي أباحت واستحلت بل وتلذذت بإزهاق أرواح الأبرياء، ليس ثم دين سماوي أو حتي أرضي يشرعن للقتل، إنه دين من لا دين له، إنه دين الشيطان الذي سيتبرأ يوم القيامة منهم ويقول لماذا اتبعتم غوايتي لماذا سرتم خلفي،ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي.
كذلك فتوي أهل الزيغ والبهتان والضلال الذين سيطروا علي عقول بعض الشباب والحجة الجهاد، جهاد من الكفار لماذا لأنهم لم يحكموا بكتاب الله تعالى وكل من يخدم أو يعمل معهم كافر مثلهم، ما هؤلاء التجار الذين يتاجرون بالدين والدين منهم براء.
هل ننسي يا سادة ماحدث مع شهداء العريش الأخيار في فجر يوم العيد من أعوام ليست ببعيدة،الناس تذهب فرحة سعيدة لصلاة العيد بعد أن من الله عليهم بإكمال عدة الصيام مهنئين بعضهم البعض يتبادلون السلامات والهدايا والرجال علي الثغور وعلي الحدود يقتلون ماالذنب الذي اقترفه هؤلاء الشباب، خيرة الشباب حماة الوطن هل لأنهم لبوا نداء حي علي الجهاد.
وليس العريش وحدها بل إرهاب خائن جبان يطل برأسه القبيحة هنا وهناك واعتداءات سافرة حقيرة تارة علي عباد نساك في كنائسهم يحتفلون بقداسهم وأعيادهم.
ومصلين سجدا ركعا في مساجدهم وقوف بين يدي الله تمتد إليهم يد الغدر والخيانة وتفتح عليهم النيران من كل حدب وصوب.
ماالجرم الذي ارتكبه هؤلاء وهؤلاء ألانهم قالوا ربنا الله ولبوا نداء الصلاة.
ما الذنب الذي اقترفه الأطفال في عزة ما الجناية التي ارتكبها الشيوخ الركع المرابطون في ساحات الأقصي.
ما الجريمة النكراء التي ارتكبتها النساء حتي تهدم البيوت فوق رؤوسهن ويرملن ويقتل ازواجهن وتشرد أطفالهن.
الجريمة أنهم وقفوا في وجه الطغاة البغاة المحتلون،لو كانت هذه جريمة فانعم وأكرم بها من جريمة.
(اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علي نصرهم لقدير)
حقا الإرهاب الغاشم لادين له ولا وطن.
أيها القتلة يا من نصبتم أنفسكم قضاة وجلادين كيف سولت لكم أنفسكم تقتلوا بحجة حماية الدين من المارقة والله مروقكم من الدين فارق مروق الخوارج الذين استجار بهم الكفار فاجاروهم لأنتم أشد منهم فجورا (إنك لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)
الذين افتوكم وشرعنوا لكم القتل، ألم يمر عليهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لأن تهدم الكعبة والنبي يعلم مدي حرمتها علي الله، لأن تهدم حجرا حجرا ولا أن يراق دم امرئ مسلم، أما حفظوكم مثلما ارضعوكم لبن القتل حديث النبي من لوح بحديدة في وجه أخيه فليتبوأ مقعده من النار، لكن الكفر ملة واحدة والقتلة لا يسمعون ألا صوتا واحدا هو صوت الشيطان، الشيطان سول لهم وزين لهم.
أما يعلم هؤلاء أن هؤلاء الجنود مجاهدون مرابطون علي الحدود في سبيل الله، عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله.
أما يعلموا إنه من مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون نفسه فهو شهيد أليست كل هذه المعاني تجمعها كلمة واحدة (الوطن) يا عديمي الوطن والمواطنة ألم تتحقق الشهادة لهؤلاء تتحقق لمن، لكم ألا سحقا لكم، شباب في ريعان الشباب لبوا نداء ربهم بنفوس راضية مطمئنة زفتهم الملائكة إلي الجنان تنتظرهم الحور العين (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).
فالشهيد حي ويشفع في سبعين رجلا من آل بيته بل ويكون رفيقا للنبي صلي الله عليه وسلم.
وأنتم يا تيجان الرؤوس يا أهل الشهداء يا من كبرتم وتعبتم وسهرتم وقدمتم أبناءكم للشهادة اعلموا أن الله معكم ولن يتركم أعمالكم (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس).
وأنتم أيها الأطفال الذين فقدتم اباءكم ارفعوا رؤوسكم عالية إلي اعنان السماء وتغنوا بمآثر اباءكم واعملوا أن اباءكم ضحوا بأرواحهم من أجلكم لا من أجلنا جميعا (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) نعم أي والله مؤمنون بقضاء الله وقدره حلوه ومره خيره وشره(لا تحسبوه شرا بل هو خير) ونؤمن بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (كل المسلم علي المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه).
اللهم يا منتقم يا جبار سلط علي هؤلاء القتلة سيف انتقامك، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبقي منهم أحدا
اللهم ثبت مرابطينا علي الثغور والحدود وافرغ علي قلوبهم القوة والشجاعة وحب الوطن الذي هو فرض عين علي كل من يحي به يتنفس هواءه ويشرب من ماءه ويأكل من خيره، واحفظ قادتنا ووفقهم لما فيه خير البلاد والعباد
هذه ورودي أهديها لكل من ذاق طعم الشهادة في سبيل الله ،الي كل من جاد بروحه في سبيل هذا الوطن الحبيب،الي كل من استشهد من أجل قضية عادلة دافع عنها بكل ما أوتي من قوة،الي شهداء أوطانهم .