في خطابه الأخير، عبّر سمو الأمير الحسن بن طلال عن قلقه العميق حول الوضع العربي الراهن، مُشيرًا إلى أن اتفاقية "سايكس بيكو" التي قسّمت الوطن العربي في القرن العشرين، قد زرعت بذور التفتت والانقسام التي لا تزال آثارها واضحة في يومنا هذا. وأكد سموه على أن "سايكس بيكو جزأتنا ونحن الآن نفتت الفتات لما تبقى"، في إشارة إلى التدهور المستمر في الوحدة والتماسك العربي.
جذور الانقسام
تُعدّ اتفاقية سايكس بيكو (1916) نقطة تحول كبيرة في تاريخ العالم العربي، حيث تم تقسيم الأراضي العربية بين القوى الاستعمارية الكبرى في ذلك الوقت. نتج عن ذلك تقسيم جغرافي وسياسي عميق جعل من الصعب تحقيق الوحدة أو التعاون العربي. وأوضح الأمير الحسن أن تلك الاتفاقية لم تقتصر على تقسيم الحدود الجغرافية، بل أسهمت أيضًا في إضعاف النسيج الاجتماعي والثقافي للعالم العربي.
الحالة الراهنة: تفتيت الفتات
يرى سمو الأمير أن ما نشهده اليوم ليس مجرد استمرار للتجزئة، بل هو تفتيت للفتات المتبقي من وحدة العالم العربي. التحديات السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية التي تواجهها المنطقة اليوم، إلى جانب النزاعات الداخلية والخارجية، قد أدت إلى مزيد من التشرذم. وحذّر سموه من أن الاستمرار في هذا الاتجاه قد يؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل الأجيال القادمة.
الحاجة إلى إعادة التفكير
دعا الأمير الحسن في خطابه إلى ضرورة إعادة التفكير في المسار الذي تسير عليه المنطقة. وهو يرى أن الوقت قد حان للتوقف عن التركيز على الخلافات السياسية والمذهبية والعرقية، والبدء في بناء جسور الحوار والتفاهم بين شعوب المنطقة. وشدد على أهمية العودة إلى قيم الوحدة والتعاون التي كانت جزءًا من الهوية العربية عبر التاريخ.
مستقبل المنطقة
في ختام خطابه، أشار الأمير الحسن إلى أن الحلول ليست مستحيلة، لكنها تتطلب قيادة حكيمة ورؤية شاملة تتجاوز المصالح الشخصية والأجندات الضيقة. وأكد سموه على أن العالم العربي لا يزال قادرًا على استعادة مكانته إذا ما استطاع أبناؤه العمل معًا لتحقيق مستقبل أفضل.
تُعدّ كلمات الأمير الحسن بمثابة دعوة لكل مواطن عربي للنظر بجدية إلى مستقبل المنطقة والعمل بصدق من أجل إعادة بناء الوحدة والتكاتف في مواجهة التحديات الكبرى.