للأردن علاقات تاريخية وثيقة ومتينة مع جمهورية العراق الشقيق على كافة الصعد ويعد الأردن الأقرب للشعب العراقي الشقيق لما يجمع البلدين من روابط تاريخية واجتماعية واحدة، ويدعم الأردن العراق في جهوده الرامية للحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره، ويدعم العملية السياسية التي تشارك فيها جميع القوى والأطياف السياسية وبما يسهم في تعزيز الوفاق الوطني وبناء عراق قوي ومتماسك.
لن ننسى الموقف العظيم الثابت لجلالة الراحل الحسين ومن خلفه جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين والشعب الاردني بصورة عامة من القضية الكوردية، هذه كلمات بدأها أحد الإعلاميين الاكراد جاءت مقدمة لحوار معي في أربيل أتسم بالمحبة، ويضيف حينما علم بأنني أردني بأن الشعب الكردي تعرض للويلات كثيراً عبر التاريخ إلا انه يحب الأردن والأردنيين لموقف الأردن العظيم قيادةً وشعباً معهم تاريخياً .
وتعتبر العلاقات الأردنية العراقية علاقات وثيقة تاريخياً، والمدرك لأهمية دور اقليم كوردستان على مستوى المنطقة والشرق الاوسط إنما يلحظ مدى هذا الدور الحيوي سياسياً والنشط إستثمارياً وإقتصادياً في بيئة كلها محبة وهدوء وآمان ليس للعراق فحسب بل لكل المنطقة .
وإذ تعززت العلاقات الكوردية الأردنية وازدهرت برعاية كريمة من جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية حينما دعا الرئيس مسعود بارزاني و السيد نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان لزيارة العاصمة الاردنية عمان ومنذ ذلك الحين دخلت العلاقات الكوردية الأردنية مرحلة جديدة وتطورات إيجابية.
وحيث اننا نعتز في المملكة الأردنية الهاشمية بعلاقتنا الأخوية التاريخية مع جمهورية العراق الشقيق ومع إقليم كوردستان العراق , فلقد سعت الحكومات المتعاقبة بتوجية من جلالة الملك المفدى إلى تطوير وتعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات والاستفادة من كل الفرص المتاحة لخدمة البلدين الشقيقين ووجود فرص عديدة لتطوير العلاقات بين الأردن وإقليم كوردستان في المجالات التجارية والاستثمارية والصحية والتعليمية .
وخلال زيارتي تلك وجدت شعباً ودوداً ومحب للأصدقاء والزوار والسياح ويتعامل بمنتهى الاخلاق في حياته اليومية، فبالرغم من قصر مدة الإقامة إلا انها تركت لدي حب وشغف العودة الى هناك بسبب عدم وجود الوقت الكافي للإطلاع عن كثب على كل المعالم فيها فالجبل له خصوصية والنهر له خصوصية والسهل له خصوصية فالحركة التجارية النشطة في الأسواق وتذكرنا بما حمل إلينا الاجداد والاباء من ذكريات أبان القرن الماضي من تلك الأسواق التراثية القديمة بحضارتها ورمزيتها ولعل سوق القلعة شاهد حضاري كبير، ولأن كوردستان شهدت تقدماً ملحوظاً في الخدمات المقدمة للسياح والزوار من جهه ولمواطنيها من جهة اخرى ، ولعل أبرز النشاطات المشتركة التي تقام بين الأردن والإقليم إنما تعزز العلاقات ما بين الجانبين.
ولعل زيارة الوفود الإقتصادية وتأسيس مجالس الأعمال الأردنية - الكوردية المشتركة يفعل رغبات الشركات عند كلا الجانبين نحو ريادة الأعمال في مجالات تكنولوجيا المعلومات والسياحة العلاجية والطبية وتبادل الأنشطة التجارية المتمثلة بالاستيراد والتصدير في ظل الإنتاجية التي تتوفر في إقليم كوردستان .
ومما يسر الخاطر ان الإقليم الشقيق اعترف هذا العام ب ٢٠ جامعة اردنية مما سيفتح المجال أمام الطلاب الأشقاء للدراسه في المملكة إضافة لتعزيز العلاقات بين الاكاديميين.
كما أن الخبرات والقدرات الأردنية التي وصلت الى اصقاع الدنيا هي تحت الطلب ضمن عملها كمؤسسات وبيوت خبرة أردنية ، خاصة في ظل التطور الكبير لقطاعات حيوية في الأردن مثل قطاع التعليم، والقطاع الطبي، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، والقطاع السياحي، ومجال الزراعة والثروة الحيوانية .
إن الدبلوماسية الأردنية نجحت بالفعل وشكلت قفزة نوعية من العلاقات، ومن خلال جهود جلالة الملك عبدالله الثاني بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين كوردستان و الاردن، ورفع مؤشر التعاون الوثيق والمتميز في مختلف المجالات الحيوية والهامة، مما يعزز تنمية القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وسبل تطوير آفاقها المستقبلية دعما للمصالح المشتركة بين الإقليم و المملكة .
ومما يسر البال النهضة العمرانية الغير مسبوقه والتي وفرت العديد من الفرص الاستثمارية والاقتصادية التي سيكون الشعب الاردني شريكاً فاعلاً فيها ، والمساهمة مع الأكراد هناك بتحقيق التطور والتحديث في إقليم كوردستان الشقيق، وهو نتاج للسياسات الحكيمة للقيادة الحكيمة بين الجانبين والحكومة ولأن لاستتباب الأمن والاستقرار دور كبير فقد نجحت حكومة كردستان برئاسة السيد مسرور بارزاني في توطيد هذه العلاقات بين الجانبين ضمن رؤية ورغبة جلالة الملك المفدى في تحسين علاقات الجوار معهم كأشقاء وجيران ، وبحسب ما رأيت هناك يشهد الإقليم حالة من إستراتيجية جديدة لها خصوصية التعامل وتحمل الكثير من مجالات التعاون بين الجانبين، إلى جانب المكاسب المشتركة سواء من اقليم كوردستان أو من المملكة الاردنية الهاشمية وحيث ان الإقليم أرضاً خصبة للإستثمار وتقدم تسهيلات كبيرة للراغبين بزيارة الإقليم سواء رجال الأعمال أو الطلاب الراغبين بالدراسة هناك، فإن الفرص الإستثمارية في كلا الجانبين أضحت فرصة لتعزيز التعاون وتعزيز التشبيك ما بين القطاعات وتنميتها في كلا البلدين في ظل وجود اكثر من 450 شركة متوسطة .
وبالنسبة للقنصلية العامة في أربيل ممثلة بممثل المملكة القنصل فؤاد بيك المجالي فهو خير من يمثل وطننا نظراً لما راينا عنده من كاريزما خاصة يكتنز فيها محبة لوطنة الأردني وقيادته الهاشمية فلسان حاله يلهج بالدعاء لجلالة سيدنا على تسهيل كل العقبات التي تواجه القطاعات الأردنية، فهو نموذج للعمل الدبلوماسي في ظل ما لحظته شخصياً من جهود مستمرة له وتراه الحاضر في كافة التفاصيل وتجذير هذه الجهود لتعزيز التعاون وخدمة الأردنيين هناك والأشقاء في كوردستان، فضلاً عما تقدمه القنصلية من متابعة حثيثة على مدار الساعة لكل الجالية الأردنية هناك ولجميع المواطنين الأردنيين من زوار وسياح او رجال أعمال ومستثمرين.
بقي أن نقول أن هذا الوطن الكردي الجميل الغني بموارده ومياهه العذبة وسلة خيراته الكبيرة والكريم بشعبه، وبما تعرض له من ويلات تاريخياً بسبب بعض الأنظمة وبما تسببت له من جراح وآلام وتأخيره سنوات وعقود عده ، لطالما لن ينسى ما مر به من هذه ألآلام .