بعد أزمة الحبوب عام 1973 بدأ التفكير بمفهوم للأمن الغذائي إلى أن تبلور في مؤتمر القمة العالمي للأغذية في روما عام 1996، بتعريف شامل مازال ثابتا حتى اليوم يتلخص بـ "يتحقق الأمن الغذائي على المستوى الفردي، الأسري والوطني والأقليمي والعالمي، عندما يكون متاحا لجميع الناس وفي جميع الأوقات امكانية الحصول على أغذية كافية وآمنة من أجل حياة نشطة وصحية".
فالغذاء هو ثالث أهم حاجة إنسانية بعد الهواء والماء، لذا يجب أن يتمتع الجميع بحق الحصول عليه باعتباره واحدا من أهم الحقوق الإنسانية المعترف بها من قبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الملزمين قانونًا بذلك، بحسب ما يؤكد متحدثون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) في أحاديث بمناسبة يوم الغذاء العالمي الذي صادف أمس تحت شعار "الحق في الغذاء من أجل حياة ومستقبل أفضل".
يقول ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في الأردن المهندس نبيل عساف، إن ما ينتجه مزارعو العالم من الغذاء يكفي لإطعام أكثر من سكان العالم، ومع ذلك، فإن الجوع ما يزال يهدد حياة أكثر من 730 مليون شخص في مختلف أصقاع العالم لعدة أسباب منها الصراعات، او الركود الاقتصادي، او عدم المساواة، او الأوبئة. إذ تؤثر هذه الأسباب على محدودي الدخل و سريعي التأثر بشكل أكبر، ما يعكس اتساع فجوة عدم المساواة بين البلدان.
وأكد عساف ضرورة تسخير المساعدات الدولية لتعزيز القدرة على الصمود والتغلب على الفجوة بين الاستثمارات الإنسانية والاستثمارات الإنمائية، وأن يكون الأمن الغذائي وحماية سبل العيش الريفية على رأس المستهدفات، مشيرا الى أن الاستثمار في الزراعة بمن أن يلعب دوراً هاماً في صنع السلام.
وأشار إلى أن أكثر من 2.8 مليار شخص في العالم غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، مؤكدا أن الأنظمة الغذائية غير الصحية هي السبب الرئيس لجميع أشكال سوء التغذية، كنقص المغذيات الدقيقة والسمنة والتي تنتشر عبر الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة، موضحا أن الأشخاص الأكثر هشاشة غالبا ما يضطرون إلى الاعتماد على الأطعمة الأساسية أو الأطعمة الأقل تكلفة والتي قد تكون غير صحية، بينما يعاني آخرون من عدم توفر الأطعمة الطازجة، بالإضافة إلى أنهم يفتقرون للمعرفة حول ماهية النظام الغذائي الصحي.
بدوره أشار السفير السابق لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية، وخبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي الى وجود معيار تقييمي تصدره سنويا منظمة الأمم المتحدة للزراعة (الفاو) مع 15 منظمة أخرى كل عام يسمى "تقرير حالة الأمن الغذائي في العالم- صوفي"، من شأنه تحديد موقع كل دولة على مؤشر كفاية الغذاء ومأمونيته يبدأ من (1-100).
وبالنسبة للأردن قال الزعبي، إن رؤية التحديث الاقتصادي وضعت خطة استراتيجية للأعوام 2022 ولغاية 2033 قضمنت تحقيق الأمن الغذائي، الاستدامة وتقليل الفقد والهدر الغذائي، التوريد الدولي والإنتاج المستدام، وسلامة الأغذية.
كما أخذ الاردن بعين الاعتبار أهمية سلسلة القيمة للأغذية المتكاملة من ناحية البذور والمدخلات والتقنيات والمعدات والتصنيع والخدمات اللوجستية والتوزيع وغيرها، وفئة استراتيجية ثالثة لتحديث الإنتاج الزراعي و المواشي والخدمات الرقمية الزراعية وادخال التكنولوجيا، وهي من ضمن 16مبادرة وضعتها الدولة وهي برامج اثبتت فعاليتها في تحقيق الأمن الغذائي، وهي ما أراها مناسبة في دعم مشاريع التنمية المستدامة في الأردن وصولا الى أمن غذائي مستقل.
وأضاف، لقد بدأنا بخطوات نظام المعلومات الزراعية بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، وافتتحت (الفاو) المرصد الإقليمي للأمن الغذائي في الاردن لرصد المعلومات وجمعها، إضافة الى تعديل السياسات واللوائح التنظيمية ذات الصلة بقطاع الزراعة المواشي، وإقامة مجمعات متكاملة للأغذية الزراعية المصنعة "الميجا بروجكت" والتي تذهب بإتجاه التنمية الحضرية التي تعتمد على التكنولوجيا.
وشدد وزير الزراعة الأسبق الدكتور رضا الخوالدة على ضرورة نشر الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية تقليل الهدر الغذائي بكل الوسائل والطرق، وخصوصاً ان العالم بأسره يعاني من ازمة في الغذاء وضعف في منظومة الأمن الغذائي، مؤكدا انه لا بد من إدخال مفاهيم الحد من هدر الغذاء في المناهج المدرسية والجامعية لزيادة فهم ووعي الجيل الجديد بذلك، و مدى خطورته على الأمن الغذائي للمواطن الاردني.
ودعا الى تغيير العادات الاستهلاكية الخاطئة خصوصاً في المناسبات والحفلات وخلال شهر رمضان المبارك للتخفيف من هدر الغذاء، مؤكدا أهمية تفعيل دور بنك الغذاء والجمعيات المعنية بحفظ الغذاء للمساعدة في تخفيف الهدر في الغذاء.
بدورها أشارت وزارة الزراعة إلى أن سلامة الغذاء في الاردن هي مسؤولية مجموعة من المؤسسات الحكومية والمؤسسات التي تعمل على ضمان أمن الغذاء المتاح في الأسواق بشكل آمن وصحي.