مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يترقب العالم العربي بقلق ما ستسفر عنه صناديق الاقتراع في 5 نوفمبر. يُدرك العرب تمامًا أن تغير ساكن البيت الأبيض لن يحمل معه تغييرات جذرية في السياسات الأمريكية تجاههم، فما تعوّدوا عليه من الإدارات المتعاقبة في واشنطن هو تجاهل طويل الأمد لتطلعاتهم وهمومهم، بل وإسهام في تعميق جروحهم، وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
منذ عقود، تظل الولايات المتحدة الحليف الأقوى لدولة إسرائيل، دعمتها عسكريًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا، ولم تترك فرصة إلا وحالت دون محاسبتها على انتهاكاتها في المحافل الدولية. وأصبح واضحًا أن كل إدارة أمريكية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، لم تتخلّ عن هذه العلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل، رغم ما تسببه من معاناة للشعب الفلسطيني وتأجيج للأزمات في الشرق الأوسط.
إن البيت الأبيض لم يكن أبدًا أبيضًا على العالم العربي، بل ارتدى ثوب السواد في قضايا فلسطين والعراق وسوريا واليمن وغيرها من الملفات التي جرت عليها ويلات التدخلات والضغوط. فالإدارات الأمريكية المتتالية لم تفرّق بين جمهوري وديمقراطي حينما يتعلق الأمر بمصالحها الكبرى، وأهمها دعم إسرائيل كحليف استراتيجي يعزز مصالحها في المنطقة.
لكن، ولأجل الانصاف، قد يختلف الطرح بين إدارتين، فبعضها قد يبدي مرونة في خطاباته أو يحاول تحسين صورته ببعض المبادرات "التجميلية”. ومع ذلك، تُجمع الإدارتان على خطوط حمراء عريضة لا تُمسّ، وتبقى مصالح إسرائيل فيها ثابتة كالصخر.
إذن، ماذا ينتظر العرب من هذه الانتخابات؟ قد يكون الأمل في "الأقل سوءًا”، لكن هل يُتوقع حقًا أن ينحاز أحد المرشحين نحو حل حقيقي أو دعم إنساني تجاه قضية فلسطين؟ الواقع أن أمريكا لن تحيد عن استراتيجيتها الكبرى، والإدارة القادمة، كمن سبقها، ستضع مصالحها فوق الجميع، خاصةً عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، السرطان الذي استشرى في قلب الشرق الأوسط.