أن تنجذب لصورة أطفال يتهامسون كلما دخل ضيف أو زائر لمدرستهم فنوع من التكرار الي يخلط بين العاطفة والفطرة وأن تتشبث بذاكرتك براءة صنيعهم أو خجل حديثهم معك فتلك العودة للوراء للمدارس والصفوف والساحات أو للبدايات الجميلة ، والتعلق بأول خطى العلم والرفاق ، و لاستثنائية الخيال والصوت والمشهد ، فكلما دخلت مدرسة زائرة أحببت الصورة بزرقتها وبياضها الابتدائي أو زي الكشافة فيها الذي يؤسس لبناء وطن ويزمجر لقدسية العلم ورفع العلم . أما عن ذاك الصوت الطالب والشاعر سعود المحارب فما زال يلاحق ذاكرتي بتفاصيل عمق المعنى والكلمة فمنذ التقيته في فناء مدرسته جالسا عميقا مبتسما يداعب رمال الرابية ويحاكي ترابها وكأنها أمانة قلدت بين يديه ، أو كأنه يستشرف مستقبله ويستقبله كما يحلم به .
فعلى سفح هذا الطود الصحراوي تقع تلك المدرسة حوض المحارب الثانوية أنيسة لتلك القرية - رابية المحارب – صرحا علميا لأبنائها ويتجلى شاهد الخيال حاضرا بها صنع من خطوات بعيدة عنها لصوت يضج بالوطنية وفطرة الانتماء ولطفل يبلغ من العمر التسع سنوات وفي صفه الرابع فيصدح عاليا بحب الوطن والتغني به. فيبادرك السلام والابتسامة وكأنه رجلا مثقلا بالمسؤوليات والوعد مثقفا بما جادت له الأعراف وتقاليد الوطن والقبيلة وثقافة البادية وإرثها .فيترجم بصوته العذب نداء أبناء جيله وقريته بحب القائد وولي العهد ويكرر الدعوات لزيارته والحديث معه بمفردات نسجتها بداوته الأولى دون تكلف أو حسن صنيع لتأتي بأعذب منطوق ينطقه طفل بحماس رجل وبتلقائية تأسر القلب وتعتصره كثيرا لكنها تستأذنه ثلاثا وترحب بكل زائر لها بشاكلة فريدة ومختلفة وذات ألق يليق بها .
الشاعر سعود المحارب الذي أحاطته مدرسته ومدرسيه بما تستطيع أن تجود به من الحب والثناء والاهتمام رغم وعورة درب القرية وارتفاع السفح وبرد الحال يرنو أن تلقى ملكته النور وتنال حظها وحقها في السطوع والإشراق وأن تحاط بالعناية والاهتمام فلقاء جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده والحديث معهم أمنية الشاعر وترجمة لكثير من أبياته وحديث أبناء جلدته .