في حياة المرء، قلما يصادف رجالًا كأبي سعود، الأخ والصديق فاضل فهد السريدان، الذي جسد معاني الكرم والجود قولًا وفعلًا. فمنذ مطلع الثمانينات، رافقني في دربي الدراسي إلى العراق العظيم، وكان يصلني إلى المطار بطيب نفس دون منه، والدموع تترقرق في أعيننا لحظة الوداع.
أبو سعود رجل كريم، ليس من هواة الأضواء أو المناصب، فقد كان يجود بما يملك دون أن ينتظر المقابل، ملتزمًا بمقولته "الجود من الماجود، وإن قلّ الماجود بلحانا نجود." جلساته كانت مليئة بالشعر والنشيد والهجيني، حيث كانت ذكرياتنا معًا تُشكل لوحة لا تذبل.
اليوم، قعده المرض لكن ذكراه العطرة تظل حاضرة في قلوبنا. شافاه الله وعافاه، وبارك فيه وفي أبنائه الذين حملوا إرثه الطيب. حفظ الله أبا سعود، وجعله ذخراً لنا جميعًا.
أبو سعود، ليس فقط رجلًا عرفناه في جلساتنا ونقاشاتنا، بل هو رمزٌ للرجولة التي تُبنى على التواضع والأخلاق العالية. عرفتُ فيه الطيبة التي لا تُوصف، والكرم الذي لا يتغير، والتفاني في خدمة الآخرين بلا منّة، فقد كان يسعى جاهدًا لراحة ضيوفه ويسعد بمشاركتهم من غير تكلّف أو تصنّع، حتى أصبح مضرب المثل في الكرم والجود.
ومع مرور السنين، بقيت مواقفه النبيلة راسخة في قلوب من عرفوه، فهو لم يكن يسعى وراء المظاهر أو يتبع سلوك من يغفل عن أخلاقيات الجدود، بل كان دومًا يبتسم في وجه الجميع ويستقبلهم بمحبةٍ وصفاء نية. لم يكن يعرف في قاموسه مفردات الحقد أو "القوائم السوداء" التي يختلقها البعض في هذا الزمان، بل كان كريمًا مضيافًا لا يتغير.
ومع تقدُّم العمر واشتداد المرض عليه، ندعو الله أن يشفيه ويعيد إليه عافيته. رجل مثل أبي سعود لا يليق به إلا الدعاء، فقد كان بارًا بوالديه، حريصًا على برّهم، سخيًّا في عطائه، وها هو الآن يحصد ثمار زرعه الطيب ببرّ أولاده وأحفاده.
أبو سعود، شافاك الله وأعاد لك عافيتك، لتبقى دائمًا الأيقونة الزاهية التي لا تذبل في قلوبنا جميعًا.