شهدت سورية منذ عام 2011 اضطرابات واسعة أدت إلى نزاع طويل الأمد أثر على المنطقة برمتها، وباعتبار الأردن جارًا مباشرًا لسورية، فقد كان لهذا الصراع انعكاسات واضحة على أمنه واستقراره، إلا أن هناك شكوكًا وتساؤلات مستمرة حول مدى خطورة هذا التأثير، وأسباب ربط الأحداث في سورية بشكل وثيق مع أمن الأردن واستقراره، وأبرز هذه التساؤلات هي، هل هذه المخاوف مبررة أم أنه مبالغ فيها؟
دعوني أربط الموضوع ببعضه البعض، أولا يمتلك الأردن حدودًا برية طويلة مع سورية تمتد لأكثر من 375 كيلومترًا، مما يجعل الوضع الأمني في سورية عاملًا مباشرًا يمكنه أن يؤثر على الأردن بلا شك، وهذا بالفعل ما شهدناه خلال السنوات الماضية من محاولات تهريب للأسلحة والمخدرات، إضافة إلى عبور الجماعات المسلحة، مما وضع أمن المملكة في تحدٍ مستمر، وهو ما زاد الضغط على الجيش والأجهزة الأمنية ودفعهم الى رفع مستوى الجاهزية بشكل يحفظ أمن واستقرار المملكة بحمد الله.
ثانيا الأردن استقبل حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري شقيق منذ بداية الأزمة، مما فرض ضغوطًا اقتصادية واجتماعية على البنية التحتية، ورغم الجهود الدولية لدعم الأردن في حمل هذا العبء الكبير إلا أن الأردن استطاع حمله رغم أنه لم تستطع عليه دول عظمى عليه، فكان الأردن السند والعزوة لأشقائه السوريين في أزمتهم.
أما على صعيد الإرهاب فقد شهدت سورية خلال النزاع ظهور جماعات إرهابية مثل تنظيم "داعش” وغيرها، التي حاولت مرارًا استهداف الأردن كونه ركيزة الاستقرار في المنطقة وفي حال خلخلته وانهياره لا قدر الله يعني انهيار المنطقة، إلا أن الأردن صمد كصخرة صوان صلبة تحطمت عليها كل محاولات الإرهاب، وذلك بفضل الله ثم الجهود الكبيرة التي قدمها الجيش العربي والأجهزة الأمنية من خلال تعزيز المنظومة الأمنية لمنع هذه الجماعات من التسلل عبر حدوده وخلق بلبلة داخله.
وهنا أعيد السؤال بوضوح، لمن لديه تساؤل أو شكوك بقدرة الأردن، لماذا هذا الشك؟
أقول له إن الدلائل واضحة، فالأردن أثبت خلال العقد الماضي قدرته في الحفاظ على أمنه واستقراره رغم الأزمات المحيطة، وأجهزته الأمنية والسياسية أظهرت كفاءة عالية في إدارة الأزمة، فما يراه البعض في الربط بين أحداث سورية ومدى استقرار الأردن فهو أمر مبالغ فيه كما ذكرت سابقا، كون الأردن دوله عميقة تستطيع أن تحافظ على أمنها واستقرارها رغم الظروف المضطربة المحيطة بها في المنطقة.
أما تحليلي فيما يخص الوضع في سورية ومستقبلها، أقول إن الوضع ما يزال معقدًا، ومن المبكر التنبؤ أو التكهن بشيء، رغم الهدوء النسبي في بعض مناطق النزاع خلال هذه الأيام، فمستقبل سورية يبدو ضبابيًا، حيث إن كل التطورات تعتمد على موازين القوى الداخلية والخارجية، فالحلول السياسية تحتاج إلى تسوية شاملة تنطوي على المصالحة الوطنية، إضافة إلى دعم دولي كافٍ لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في جميع أرجاء سورية.الغد