تقع بلدة عسفان شمال غرب مكة المكرمة، على بُعد 80 كم منها، وقد أدمجت أجزاء كبيرة منها ضمن حدود شمال شرق جدة. تشتهر البلدة بتاريخها العريق الذي يرتبط بتوفير أمان الطريق بين مكة المكرمة والجحفة، حيث كانت محطة هامة للتجار والحجاج. وبالرغم من أنها اليوم تشهد نمواً عمرانياً سريعاً، لا تزال قلعتها التاريخية التي تعود للقرن السادس الهجري، شاهدًا على ماضٍ عريق.
القلعة: تاريخ طويل في حماية الحجاج
تعتبر قلعة عسفان واحدة من أبرز المعالم التاريخية في المنطقة، حيث شيدت لحماية القوافل التجارية وحجاج بيت الله الحرام. يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الرابع عشر الهجري، وتحديداً عام 1305هـ (1887م)، وذلك ضمن سلسلة من القلاع التي بُنيت على الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. كانت القلعة تتسم بموقع استراتيجي على جبل لا يتجاوز ارتفاعه 20 مترًا، حيث كانت تعد حصنًا لصد الهجمات عن القوافل التجارية والحجاج.
بناء القلعة: من الصخور البازلتية إلى الجدران الشاهقة
تم بناء قلعة عسفان من الصخور البازلتية التي جلبت من المناطق الجبلية المجاورة لموقعها، وخلطت مع الصخور النارية الجرانيتية، مما أضفى على القلعة قوة وصلابة. كما تم تزيين أبراجها الأربعة بأبراج إضافية على الجدران الأربعة، مما يعكس الطابع الدفاعي للقلعة. كانت القلعة تحتوي أيضًا على مخازن للأسلحة وحجرات داخلية كانت مخصصة لسكانها.
القلعة عبر الزمن: من شهود التاريخ إلى معلم سياحي
فيما يتعلق بتاريخها، ذكر الرحالة ابن جبير قلعة عسفان في عام 578هـ/1182م، حيث وصفها بأنها حصن قديم، ذو أبراج مشيدة أثرت فيها عوامل الزمن وتآكلت بسبب قلة الصيانة. ولكن رغم ذلك، تظل القلعة رمزًا من رموز القوة والتاريخ الذي يحكي قصة الماضي العريق.
على الرغم من أن بلدة عسفان قد شهدت تطورًا عمرانياً واسعًا اليوم، إلا أن قلعتها التاريخية تظل شاهدة على حضارةٍ عريقة، وتمثل أحد أبرز معالم السياحة الثقافية والتاريخية في المملكة.