في فسحة الصحراء حيث تلتقي القبائل بحكمة الأجداد ابناء البادية الاردنية ليسوا مجرد رعاة الإبل، بل هم رعاة الوحدة الوطنية ، قد يكونون بعيدين عن ضجيج المدينة لكنهم قربى الروح من نبض الأمة لهم دور لم يكتب بالحبر بل بالتضحيات والبسالة ، هم حملة الوساطة بين القبائل وحارسوا التوازن في زمن التفات الأطماع في ازمنة الأحداث العاصفه كانوا صمداً يتكسر عليه تيار الفتن يعرفون أن الأردن جسد واحد فلا يفرقون بين حجر وحجر ولا بين دم ودم ، سياستهم نابعه من قلب البادية: صافية كالهواء ، صارمة كالفلق ،هم من يرؤون شجرة الوطن بماء الوفاء ، ويحمون ظلها من شرر الخلاف.لايبغون سلطة بل يبغون أن تبقى الأردن وطن للجميع. البادية الاردنية لم تكن فقط علامة على الخريطة ، بل كانت قلباً يخفق ، ابناؤها هم من يحملون مفتاح الترابط بين ماضٍ يشهد وحاضر ينتظر .
منذ فجر التاريخ، كانت البادية ملتقى القبائل العربية التي حملت قيم العروبة والإسلام، وتناقلتها الأجيال كإرثٍ لا ينضب وعلى مرّ العقود، أثبتت البادية أنها حصنٌ منيع للوحدة الوطنية، خاصةً في الأزمات. ففي سنوات الجفاف أو الحروب، لم تكن النخوة البدوية مجرد شعار، بل واقعاً ملموساًأبناء البادية الأردنية (البدو) يُعتبرون ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية الأردنية، ولهم دور بارز في القضايا الوطنية عبر التاريخ، أبناء البادية ليسوا مجرد مجموعة تقليدية من نمط إجتماعي أو ديموغرافي، بل هم شركاء فاعلون في بناء الأوطان وحمايتها. دورهم يعكس تفاعلًا ديناميكيًا بين التراث والحداثة، تلعب قبائل البادية الأردنية دوراً بارزاً في القضايا الوطنية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن لوقتنا الحاضر ، وهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي والأمني والثقافي للوطن و فيما يلي أبرز جوانب هذا الدور:
أولاً: الدور التاريخي والسياسي:
المشاركة في الثورة العربية الكبرى (1916–1918): ساهمت قبائل البادية، وخاصةً قبائل الجنوب مثل الحويطات والبنى حسن، في دعم الثورة ضد الحكم العثماني، وتعزيز التحالف مع الهاشميين، مما ساهم في تشكيل الهوية الوطنية الأردنية.
- الولاء للقيادة الهاشمية: يشتهر البدو بولائهم القوي للعائلة الهاشمية، تميزت العلاقة بين العائلة الهاشمية وقبائل البادية بالثقة المتبادلة، حيث شكلت القبائل عماد الدعم الشعبي للنظام، خاصةً في المراحل التأسيسية للدولة. مما ساهم في استقرار الأردن خلال الأزمات الإقليمية، مثل حروب 1948 و1967) وغيرها من الأحداث حيث كانوا حاجزًا ضد التمدد الفوضوي أو أي تهديد أمني ونشر الوعي والأمن المجتمعي
-التمثيل في المؤسسات الرسمية: يشغل أبناء البادية مناصب سياسية وعسكرية رفيعة، كما خُصصت مقاعد نيابية لهم في البرلمان لضمان تمثيلهم .
ثانياً: الدور العسكري والأمني:
- القوات المسلحة والأجهزة الأمنية: يشكل البدو نسبة كبيرة من منتسبي الجيش العربي والأجهزة الأمنية، نظرًا لمهاراتهم في التنقل الصحراوي وروح الانتماء وربأطة جأشهم
- الدور البطولي في المعارك: برزوا في معارك الدفاع عن القدس والأرض العربية، مثل معركة اللطرون (1948)، حيث قاد البدو معارك بطولية ضمن "القوة العربية الصحراوية.
-
- حماية الحدود: تُعد "قوات البادية" (التي تأسست عام 1930) مثالًا على دورهم في تأمين الحدود ومكافحة التهريب، كم تُعد القبائل شريكاً أمنياً في مراقبة الحدود الجنوبية والشرقية، ومكافحة الأنشطة غير المشروعة.
ثالثاً : تعزيز الوحدة الوطنية:
- الوساطة بين المكونات الاجتماعية: تُستخدم آلياتهم التقليدية القضاء العشائري (كالعَـرْف والعَـقْـد) في حل النزاعات بين المجتمعات المحلية، مما يعزز التماسك الاجتماعي.ويشاركون في الحوارات الوطنية حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
رابعاً : الحفاظ على الهوية الثقافة الوطنية:
التراث الثقافي: تُعتبر عادات البادية وقيمها (كالكرم والشجاعة والنبل ومكارم الأخلاق والمروءة والقيم النبيلة جزءاً من الهوية الأردنية، وتساهم في تعزيز الانتماء الوطني.
كما لها دور في المشاركة في المناسبات الوطنية وتبرز القبائل في الفعاليات الوطنية مثل احتفالات الاستقلال، والاعياد الوطنية وفعاليات الولاء والانتماء حيث تُظهر التلاحم بين مكونات المجتمع
خامساً: الدور الاقتصادي:
- التنمية المحلية: ساهمت القبائل في البادية في المشاريع التنموية بالمناطق الصحراوية، مثل مشاريع الزراعة وقدمت عنصر بشري للمصانع والمنشآت الصناعية والسياحة البيئية
السياحة الثقافية: للبادية الأردنية العديد من المعالم السياحية الشهيرة المهمه و تعكس تراث البادية، وتجذب السيّاح، مما يدعم الاقتصاد الوطني.
أبناء البادية ليسوا مجرد حُماة للتراث، بل شركاء فاعلين في صنع مستقبل الأردن، بفضل انتمائهم العميق للوطن وتوازنهم بين الأصالة والانفتاح على الحداثة. دورهم يظل ضروريًا في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة ويُعتبرون ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية الأردنية، ولهم دور بارز في القضايا الوطنية عبر التاريخ
تمثل البادية الأردنية رمزاً للانتماء والوفاء، حيث يجمع أبناؤها بين التمسك بالتراث والانخراط في مسيرة الدولة الحديثة، مما يجعلهم شركاء أساسيين في صياغة الحاضر والمستقبل الوطني.