تُعد معركة الكرامة محطة بارزة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث وقعت في21 من شهر آذار عام 1968 بين القوات الأردنية والجيش الإسرائيلي في منطقة الكرامة الواقعة في وادي الأردن جاءت هذه المعركة في ظل تصاعد التوترات بعد نكسة 1967، حيث كان الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تحقيق عدة أهداف عسكرية وسياسية، من أبرزها توجيه ضربة قاضية للقوات الأردنية، وترسيخ تفوقه العسكري بعد نجاحه في حرب 67 لفرض معادلات جديدة على أرض الواقع لكن القوات المسلحة الأردنية، بقيادة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، استعدت جيدًا لهذه المواجهة، مستفيدة من معرفتها بتضاريس المنطقة، والتخطيط العسكري الدقيق الذي وضعته القيادة.
عند فجر 21 مارس، بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه مستخدمًا قوات برية ضخمة تدعمها الطائرات والمدفعية الثقيلة، وتمكن من عبور نهر الأردن تحت غطاء ناري كثيف، متوقعًا تحقيق نصر سريع ولكن الجيش الأردني البطل واجه هذا الهجوم بشجاعة وبأساليب تكتيكية محكمة، حيث استدرج القوات الإسرائيلية إلى معركة استنزاف طويلة داخل المناطق الوعرة، مما عطل تقدمها وأربك خططها. كما لعبت المدفعية الأردنية دورًا حاسمًا في دك المواقع الإسرائيلية ومنع تعزيزاتها من التقدم، ما أدى إلى تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة في الأرواح والآليات وبحلول المساء، وبعد أكثر من 16 ساعة من القتال العنيف، اضطرت القوات الإسرائيلية إلى التراجع والانسحاب إلى الضفة الغربية، تاركة خلفها العديد من الآليات المدمرة والقتلى، مما شكل أول انتكاسة ميدانية واضحة لها بعد انتصاراتها السابقة في عام 1967.
أهمية معركة الكرامة لم تكن عسكرية فقط، بل امتدت إلى الجانب السياسي والمعنوي، حيث أثبتت هذه المعركة أن الجيش العربي الأردني قادر على مواجهة الاحتلال إذا توفرت الإرادة والتخطيط السليم كما أنها عززت مكانة الأردن على الساحة الإقليمية والدولية، وأظهرت أن الاحتلال ليس قوة لا تُقهر، بل يمكن هزيمته بالصمود والتخطيط الجيد.ورغم أن إسرائيل حاولت لاحقًا التقليل من تأثير المعركة، فإن الوثائق العسكرية والشهادات التاريخية تؤكد أنها كانت ضربة قوية لطموحات الاحتلال في التوسع شرقًا.
بقيت الكرامة رمزًا للفخر والتحدي في الذاكرة الأردنية، ودرسًا مهمًا في أهمية الدفاع عن الأرض والعزة الوطنية.