قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي في خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة اليوم إنّها عشرٌ يشغلها العبدُ بالعبادة والإخلاص ليحظى بالمغفرة وتكفير السيئات والرضوان والعتق من النيران، فهل يفرط بعد ذلك عاقلٌ في هذا الفضل؟ وهل يزهدٌ رشيدٌ في هذا الخير؟
وأضاف: السابقون في الخيرات تطول عليهم الليالي فيعدُّونها عدًّا؛ انتظارًا لليالي العشر في كل عام، وشوقًا إلى مرضاة رب الأنام، فإذا ظفروا بها نالوا بغيتهم ومناهم، وشكروا ربهم على ما أولاهم. وأن رمضان شهر نفَحات ورحَمات، وأغلى شيء فيه العشر الأواخر المحفوفة بالفضل والبركات، وأغلى هذه العشر ليلة القدر التي يسعى لإدراكها ويتسابق لنيل شرفها كل مؤمن يطلب عظيم الأجر وعاليَ الدرجات.
وتابع قال بعض أهل العلم: «كم يضيِّعُ الآدمي من ساعاتٍ يفوتُه فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، فكأنّه قيل للإنسان: كلما بذرت حبَّة أخرجت له كُرًّا -أي مكيالًا ضخمًا-؛ فهل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البَذْر ويتوانى؟!». • أقبلوا على ربِّكم، واضربوا لكم بسهم في كلّ مجالٍ من مجالات الخير فيما تستطيعون، واحذروا أن تشاركوا أهل الغفلة غفلتهم ولهوَهم، وكونوا عونًا لأهليكم وإخوانكم على اغتنام أوقاتهم، وأبذلوا ما بوسعكم لنفعهم وقضاء حاجاتهم.
وواصل: المطلوب أن يكون المسلم متوازنًا في أداء العبادات وتقديم الفروض من دونِ إهمال السنن والنوافل، وأعظم من كل تهاون وأسوأُ عاقبة: صومُ أناسٍ لرمضان وهم لا يصلّون -هداهم الله-، بل يجاهرون بترك الصلاة التي أمروا بالمحافظة عليها وإقامتها. لو لم يكن لهذ العشر المنيفة من الفضل والمكانة إلا أن فيها ليلة القدر الشريفة لكفى، فالعبادة فيها خيرٌ من ألف شهر، وهي في أوتار العشر أرجى.