في الوقت الذي يبذل فيه الوطن جهوده في البناء والتطوير، ويقف فيه الأردنيون الشرفاء صفًا واحدًا خلف دولتهم ومؤسساتهم، تطلّ علينا بين الفينة والأخرى ثلة خارجة عن الصف، لا تمثل إلا نفسها، تدعو إلى عصيان مدني لا يُدركون تبعاته، ولا يعيرون أدنى اهتمام لمصلحة الأردن وأمنه واستقراره.
إن ما يروج له هؤلاء لا يعدو كونه دعوات عبثية، تنم عن جهلٍ بواقع الوطن، وانفصالٍ عن نبض الشارع الأردني الحقيقي، الذي يعرف تمامًا قيمة الأمن، ويدرك ما الذي يعنيه أن يعيش في دولة تحترم القانون، وتحافظ على كرامة مواطنيها وسط إقليم ملتهب بالصراعات والانقسامات.
العصيان المدني ليس نزهة، ولا شعارات تُطلق على وسائل التواصل دون تفكير. إنه محاولة خبيثة لزرع الفوضى، وضرب الاستقرار، وزعزعة ثقة المواطن بمؤسساته. ولو نظرنا إلى تجارب من حولنا، لرأينا دولًا انهارت يوم خُدعت بمثل هذه الدعوات، فصارت أسيرة للفوضى، ومسرحًا للتدخلات الأجنبية، وضاعت شعوبها بين مطرقة الانقسام وسندان الحاجة.
هؤلاء الخارجون، لا يملكون رؤية، ولا يحملون همّ الوطن، بل يعبّرون عن أجندات ضيقة، شخصية أحيانًا، ومأجورة أحيانًا أخرى. يتنكرون لتضحيات الجيش والأجهزة الأمنية، ويتناسون أن الأردن، بقيادته الحكيمة وشعبه الواعي، واجه أزمات كبرى وخرج منها أكثر قوة وصلابة.
نحن لا ندّعي أن الواقع مثالي، ولا نغضّ الطرف عن التحديات الاقتصادية والمعيشية، لكن الطريق إلى الإصلاح لا يمر عبر العصيان، بل من خلال الحوار، والتمسك بالمؤسسات، والمطالبة بالحقوق ضمن الأطر الدستورية. فالإصلاح مسؤولية وطنية لا تكتمل إلا بالمشاركة البنّاءة لا بالهدم.
سيبقى الأردن عصيًّا على العصيان، لأن شعبه الأصيل يميّز بين الغث والسمين، ويعلم أن الحفاظ على الوطن أولوية لا تسبقها أي مصلحة شخصية أو نزعة فوضوية. وسيظل صوت العقل والوطنية أقوى من أي نداء يُطلق من خارج الصف.