عبيدات
يكتب .. حبراص، بلدة التاريخ والحضارة في قلب بلدية الكفارات .. صور
نيروز - بقلم الكاتب والباحث محمد محسن عبيدات
تقع
منطقة حبراص إلى الشمال من لواء بني كنانة، وتبعد نحو 14 كم عن مركز محافظة إربد، وتتميز
بموقعها المتوسط بين بلدات بلدية الكفارات، مما جعلها مقراً لـ مركز البلدية. يحدها
من الشمال بلدتا حرثا ويبلا، ومن الجنوب سما الروسان وعزريت، وترتفع عن سطح البحر حوالي
530 مترا.
التسمية
والجذور التاريخية: سميت حبراص نسبة إلى "حابي حورس"، حيث كان "حابي"
إله الفيضان والنيل في الحضارة الفرعونية، و"حورس" إله السماء الذي صوره
المصريون القدماء بشكل صقر أو رجل برأس صقر. وتعد البلدة من أقدم المناطق المأهولة،
إذ تقوم مبانيها فوق آثار تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والمملوكية، ولا يزال الجامع
القديم فيها شاهدا على تلك الحضارات، وهو يعود للعصر ما قبل المملوكي، وقد أمر ببنائه
المنصور بن قلاوون.
في
العصر المملوكي، اشتهرت حبراص ووصفت بالمدينة، ونسب إليها العالم الشيخ أحمد بن موسى
الزرعي الحبراصي، الذي عرف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلاط السلطان الناصر
محمد.
السكان
والعائلات: يبلغ عدد سكان حبراص 6,956 نسمة (3537 ذكور و3419 إناث)، موزعين على
1,454 أسرة. ومن أبرز العائلات في البلدة: العبيدات، أبو علوش، القصيري . كما تحتضن
البلدة 8 مضافات ودواوين.
المساحة
والبنية التحتية: تبلغ المساحة الإجمالية لحبراص حوالي 8.724 كم²، منها 2.143 كم² داخل
التنظيم و6.581 كم² خارجه. وقد ساهمت الكثافة السكانية في تطوير البنية التحتية بشكل
مبكر، حيث تغطي الطرق، والمياه، والكهرباء، والأرصفة، والجزر الوسطية 100% من المناطق
المنظمة.
المعلم
الأثري البارز: مسجد حبراص المملوكي: يعتبر مسجد حبراص القديم من أبرز المعالم الإسلامية
في شمال الأردن، ويعود بناؤه إلى ما قبل العصر المملوكي. بني من حجارة وأعمدة رومانية
وبيزنطية، وله مئذنة مربعة أُضيفت عام 1287م، يصل طولها إلى 15 مترا، على الرغم من
تضرره بالزلازل، أعيد ترميمه في العهد العثماني، وحديثاً خصص له مبلغ من موازنة مجلس
محافظة إربد لصيانته بين الأعوام 2023 و2025.
المدارس
والمؤسسات: تضم حبراص عددا من المدارس والمؤسسات الحكومية والمجتمعية، من أبرزها: مدرسة
حبراص الثانوية الشاملة للبنات، مدرسة الحسين الثانوية الشاملة للبنين، مدارس حبراص
الأساسية للبنين والبنات، مدرسة القصيرين الأساسية المختلطة. جمعيات ومراكز مجتمعية:
جمعية حبراص الخيرية، جمعية كنانة للسيدات، جمعية اليرموك لرعاية المعوقين، جمعية تمكين
شباب بني كنانة، جمعية ملتقى شباب حبراص الثقافي، مركز الأمل للتربية الخاصة. مرافق
عامة ودينية: مركز بلدية الكفارات، مركز أعلاف بني كنانة، مركز حبراص القرآني،
مركز صحي حبراص الشامل ، ويوجد في حبراص 7مساجد رئيسية أبرزها: عمر بن الخطاب، جعفر
الطيار، الرضا، عثمان بن عفان، الشيخ فلاح، المودة، وصلاح الدين.
بكل
فخر واعتزاز، تظل بلدة حبراص شامخة في تمسكها بالعادات والتقاليد الأصيلة، التي توارثها
الأبناء عن الأجداد جيلا بعد جيل، فصارت هذه القيم العريقة جزءا لا يتجزأ من نسيجها
الاجتماعي وروحها الوطنية. في حبراص، لا تزال مظاهر الكرم، والنخوة، والتكافل الاجتماعي،
حية نابضة في تفاصيل الحياة اليومية، شاهدة على عمق الموروث الشعبي وثرائه.
وتزخر
حبراص بقامات وطنية شامخة ورموز بارزة من مختلف القطاعات، ممن كان لهم الأثر الكبير
في نهضة الوطن، وبصماتهم لا تزال حاضرة في ميادين العمل والبناء والعطاء. رجال ونساء
سطروا قصص النجاح، ورفعوا اسم بلدتهم عاليا، فكانوا خير سفراء لقيم حبراص الأصيلة،
ومثالا يحتذى في الإخلاص والانتماء.
إن
حبراص ليست مجرد بلدة على خارطة الوطن، بل هي حاضنة للتراث والهوية، ومنارة تشع بأصالة
الماضي وعراقة الحاضر. فكل زاوية فيها تحكي قصة، وكل بيت يروي حكاية من المجد والوفاء.
وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على وعي أبنائها العميق بقيمة الموروث الشعبي، وإدراكهم
بأن المحافظة عليه هو حفاظ على الجذور والهوية الوطنية.
حقا،
حبراص تمثل أنموذجا نادرا في التشبث بالقيم والمبادئ الراسخة، وتشكل لوحة زاهية من
الأصالة والانتماء، تزينها عقول نيرة وقلوب نابضة بحب الوطن، تسير بثقة نحو المستقبل
دون أن تنفصل عن ماضيها المجيد.